الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» :الحقيقة لا تُزوّر

في لحظة انقلبت الصورة كان المشهد العام يتجه نحو ضغط دولي غير مسبوق على إسرائيل، الكل تحرك وتحدث، وهدد باتخاذ إجراءات عقابية إذا لم يتوقف الهجوم الوحشي لجيش نتانياهو ضد غزة.
وإذا استمر الحصار الغذائي لأهالي القطاع، بريطانيا وفرنسا وكندا أصدرت بياناً مشتركاً، تحذر فيه من الاستمرار في منع دخول المساعدات الإنسانية، وترامب سرب مع إدارته أخباراً تحدثت عن اتساع الفجوة بينه وبين التطرف الإسرائيلي، والاتحاد الأوروبي أنذر حكومة نتانياهو بعقوبات قد تصل إلى تجميد العلاقات والاتفاقات التجارية، وبقية من كانوا حلفاء تحدثوا محذرين ومنذرين، واستمر ذلك الوضع حتى وقت متأخر من يوم الأربعاء.
والخميس، فعل «الياس رودريغيز» ما فعله أمام المتحف اليهودي بالعاصمة الأمريكية واشنطن بدافع شخصي، وقتل اثنين من العاملين في السفارة الإسرائيلية، وبدأت الصورة تتحول إلى رسم ملامح جديدة، مغايرة ومشوشة، لم يتردد نتانياهو وأتباعه في استغلالها.
وكأن الواقعة «طوق نجاة» من الغرق، وشنوا هجوماً منظماً ضد الأوروبيين، إلى درجة تحميلهم مسؤولية ذلك الهجوم، لتحريضهم في الأيام الأخيرة ضد إسرائيل، حتى كاد البعض أن يقولوا، إن ذلك الهجوم وما رافقه من استهداف الإسرائيليين هو «تخطيط متعمد للخروج من الزاوية الضيقة، التي حشرت فيها إسرائيل».
وأصحاب هذا الرأي بنوا تصوراتهم من خلال «قياس المصالح» بعد أن اعتبروا نتانياهو المستفيد الوحيد مما حدث في واشنطن، وضربوا مثلاً بردة فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى، عندما ربط العملية بمعاداة السامية متجنباً الإشارة إلى ممارسات إسرائيل في غزة، فالسامية لا تزال هي «الشماعة» التي تعلق عليها أخطاء أشخاص وصلوا إلى المراكز القيادية في دولة لا تعترف بالقوانين الإلهية والبشرية، ولا يجوز ربطها بعرق أو جنس أو معتقد!
العالم اليوم ليس هو عالم الأربعينيات والستينيات والثمانينيات، لأنه ينظر إلى الصورة من كل جوانبها، ويملك القدرة على تجميع قطعها المتناثرة، وتنقيتها من الشوائب، وخلاصتها هي التي تتحدث، فهي الحقيقة والدليل القاطع، والتزوير لا يغير ما استقر في وجدان البشر طوال 20 شهراً.
اقرأ أيضتا
الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : عندما يكون القتل هواية