كُتّاب وآراء

رانيا عاطف تكتب .. القيم .. وعلاج المشاكل

رانيا عاطف

في ظل تلك الضغوط التي يعيشها سكان العالم الآن ومع تسارع عجلة التطورات وتزايد المستجدات مازال الإنسان يعاني من كثير من المشكلات التي تؤرقه رغم ما وصل إليه من تقدم، ورغم توافر الإمكانيات التي بها أصبحت حياته أكثر سهولة.

فيا ترى لماذا يعاني هذا الإنسان؟

أليس من الأولى أن يعيش سعيدٱ لتوافر ما كان غيابه بالأمس يعد سببٱ لمعاناته؟

ألم يكن أحد طموحاته يومٱ ما أن يجد بعض الآلات والأدوات التي تعينه على إنجاز أعماله؟

والآن لم تتوافر لديه هذه الأدوات فحسب، وإنما أصبح يعيش عصر ثورة الابتكارات والإنتاج التقني، وذلك لما للتقدم التكنولوجي من دور مهم في إنتاج تلك المتطلبات التي كانت يومٱ ما مجرد حلم في خيال إنسان يطمح لتحقيقه.

فلماذا رغم ما وصل إليه الإنسان من كل هذا التقدم مازال يعاني، ومازالت تؤرقه بعض المشكلات؟

ربما تكمن الإجابة عن هذا السؤال في كون الإنسان بطبعه طموحٱ، فدائمٱ يتطلع للأفضل ويبحث عما ينقصه ويحاول أن يوفره؛ لذلك دائمٱ  ما يكون فكره متجهٱ نحو المستقبل يتخيل حياته إذا ما تحققت أحلامه وتوافرت غاياته، لذلك فهو دائم التفكير في مشكلاته وكذلك دائم السعي لأن يجد حلولٱ لها.

وربما أيضٱ كان ذلك لغياب بعض القيم الأخلاقية عن مجتمعاتنا الآن، إذ أنه لا قيمة لتقدم علمي أو تكنولوجي ولا نفع له مالم يصاحبه تقدم أخلاقي وقيمي، فما قيمة ما يصل إليه العالم من تقدم أو تطور في ظل غياب قيمة مثل قيمة الحوار وتعلم ثقافة قبول الآخر المختلف، وبالمثل أيضٱ لا نجد أهمية لتقدم علمي او تكنولوجي في ظل هيمنة الرأسمالية المفرطة على مجتمع ما، وكذلك الحال يكون عندما تختفي قيمة أخلاقية مهمة مثل الإيثار من مجتمع  ليصبح هذا المجتمع لا يعرف غير تحقيق النفع له حتى وإن كان على حساب غيره من المجتمعات، إذن لا قيمة لتقدم أو الحديث عن أي تقدم في أي من المجتمعات مالم يصاحب هذا التقدم تمسك بالقيم الأخلاقية التي بها يضمن الإنسان لنفسه حياة سوية،  يحرص فيها على الاستمتاع بحقوقه كاملة في الوقت ذاته الذي يحرص فيه على احترامه حقوق غيره، حياة يكون قوامها رفض الضرر له ولغيره سواء اتفق معه أو لم يتفق.

 كاتبة المقال ..باحثة دكتوراة فلسفة، بكلية الآداب جامعة المنيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى