توبكُتّاب وآراء

سامي صبري يكتب لـ « 30 يوم » : الشيوخ .. لماذا.. وما الفائدة؟

رغم إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مجلس الشيوخ (2025)، وتأكيد الهيئة الوطنية أن عدد الذين أدلوا باصواتهم كان 11837882 بنسبة 17.1%، وهى الأعلى فى تاريخ المجلس، الذى عاد بمسماه وتشكيله الحالى فى عهد الرئيس السيسى بالقانون رقم 141 لعام 2020، إلا أنها فى مجملها لا تليق بمصر ومكانتها وتاريخها السياسى.

وإذا نزلنا إلى الواقع سنقف على الأسباب الحقيقية لهذه النسبة الضئيلة من المشاركة، ومن أهم تلك الأسباب: عدم إقتناع قطاع كبير من الشعب وممن يحق لهم التصويت (69333318) بهذا المجلس، ليس تقليلا من شأن أعضائه، وإنما لمحدودية صلاحياته، واقتصار دوره على مناقشة القضايا والأزمات، دون أن يكون له رأى مؤثر وقرار ملزم للحكومة، فهو فى نظر هؤلاء مجرد مجلس استشارى يصدر توصيات، لا يُعمل بها فى أغلب الأحوال.

ويرى فريق آخر أن ما ينفق من مليارات على انتخابات المجلس وما بعدها من مرتبات وبدلات جلسات للأعضاء، لا توازى العائد من وجوده، فهو فى الواقع يقوم بدور المجالس القومية المتخصصة التى اختفت بعد سقوط نظام مبارك، ولم تكن تكلف الدولة كثيرا، كما يرفض كثيرون نظام انتخاب وتشكيل هذه الغرفة بالقائمة المغلقة الموحدة ( 100 عضو ) والفردى (100 عضو) ثم التعيين (100 عضو).

وهى تقسيمة يعتبرها كثيرون لا تعبر تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعب، وتأتى بكوادر لا يعرفها الناس، وخاصة من يأتون بالقائمة الموحدة التى هى فى الحقيقة أشبه بالتعيين، ولا يواجه مرشحوها أى منافسة حقيقية مع قوائم أخرى، وغالبا ما يضعون على قلوبهم بطيخة صيفى، ثقة فى الفوز بالمئة مقعد، ولماذا لا والحكومة أصلا هى التى اختارتهم ووافقت عليهم حتى ولو كانوا ينتمون شكلا لكيانات حزبية.

ومن الأسباب أيضا، ما يتعلق بالموروث الثقافى والسياسى عن هذه الغرفة التى كانت تسمى فى عهد مبارك بمجلس الشورى، فقد كانت بمثابة تكية خاصة للذين يرضى عنهم النظام ( رجال السلطة ) ويريد مكافأتهم على الخدمات التى يقدمونها للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل. وكان النظام يدفعهم دفعا وبشتى الأساليب المغزية إلى صناديق الانتخاب، وهم لا يعلمون اختصاصاته وفائدته.

وبعد أن تم إلغاء مجلس الشورى لسنوات، نسى الشعب هذه الغرفة التى أحياها مجددًا الرئيس السيسى قبل خمس سنوات؛ لإكمال الشكل المؤسسى للدولة والحياة النيابية والتشريعية، ولكن للأسف كان العزوف عن التصويت واضحًا لأول انتخابات أجريت لهذه الغرفة، التى ينظر لها مجرد «تحصيل حاصل»؛ والشىء نفسه تكرر؛ والسبب نظام الانتخاب وعدم معرفة أهل المنطقة أو المحافظة أو الإقليم بتلك الوجوه التى هبطت عليهم بالباراشوت، وهو ما تم ترجمته فى التصويت الخاطئ (العقابى)، ببلوغ نسبة الأصوات الباطلة 516818 بنسبة 4.36%. كل هذه الأسباب جعلت عددًا كبيرًا من المصريين لا يهتم بانتخابات مجلس الشيوخ؛ لأنهم؛ لا يلمسون له دورًا ولا تأثيرًا فى الحياة السياسية والنيابية والتشريعية، على عكس الدور الذى يقوم به هذا النوع من المجالس فى الدول الأخرى المتقدمة مثل بريطانيا وأمريكا.

إن تجربة مجلس الشيوخ لا تخلو من إخفاقات، والدليل أن قطاعا كبيرًا من المثقفين وأنصاف المثقفين، خريجى الجامعات، لا يعلمون شيئا عن مجلس الشيوخ وإن سألت أحدهم من هو رئيسه أو وكيله، ستنتظر ساعات حتى يجيبك دون أن يفتح موبايله ويبحث بالإنترنت.

ولكن طالما كتب علينا أن نتجرع التجربة كالدواء المر؛ فلا بد وأن يسعى المجلس لتفعيل ما بيد أعضائه من صلاحيات، وأن نلمس لهه دورًا مختلفا وجديدًا؛ يواكب ما تواجهه الدولة من تحديات، وما يعيشه الشعب من أزمات.

Samysabry19@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى