عادل القليعي يكتب روحانيات .. وبيت يكرم فيه يتيم
من الضروري أن نتفق علي أمر مهم هو أن اليتيم الحقيقي ليس الذي فقد أبويه أحدهما أو كلاهما، وإنما اليتم الحقيقي هو فقدان الدين والخلق والعلم، هذا هو اليتم الحقيقي فاقد القيم والأخلاق والخصال الحسنة.
أما من يفقد والديه فتلك سنة الله في خلقه، (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا).
ونتفق أيضا، أن خير البيوت بيت يكرم فيه يتيم، وشر البيوت بيت يهان فيه يتيم.
رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الله له أن يولد يتيما
فمات أبوه عبدالله دون أن يراه، وبعدها بفترة ليست بعيدة توفيت أمه ، وتلك حكمة أراد الله أن يوضحها للبشرية جمعاء، أن سيد ولد آدم ولافخر الذي أشرقت الدنيا بمولده ولد يتيما وتربى يتيما، فلا يجزع من فقد أمه أو أبيه.
فتلك إرادة الله وقضاؤه ولاراد لأمر الله، فأمرالله قدرا مقدورا.
فيا من ماتت أمك أو أبيك هذا هو رسول الله صلى عليه وسلم لك فيه القدوة الحسنة والأسوة فلا تهن ولاتحزن وأصبر واحتسب. واسعى حتى تحقق ما كان يتمنونه لك أبويك، حتي تدخل عليهما السعادة والسرور في قبرهما.
واجبنا نحو الأيتام، العالم كل عام يحتفل بالأيتام والهدايا توزع من ملابس وخلافه، وهذا جد أمر طيب ما يحدث فى المدارس من تقديم تبرعات مالية وخلافه، وكذلك ما يحدث في دور الأيتام في هذا اليوم (يوم اليتيم )، من زيارتهم والجلوس معهم وإطعامهم (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا)، وإدخال البهجة والسرور علي قلوبهم، وجميل جدا ما يحدث في الجمعيات الخيرية من كفالة الأيتام وتخصيص رواتب شهرية للإنفاق على هؤلاء من أهل الفضل وهم كثر ولله الحمد.
لكن لابد أن يعلم الجميع أن هؤلاء أمانة في أعناقنا وكفالتهم لمن يستطيع فرض عين أكرر لمن يستطيع ، فإذا لم يقم الأثرياء بالإنفاق على هؤلاء فمن الذي سيفعل.
وليعلم الجميع أن كفالة هؤلاء تكون بالحب لا بالمن ولا بالشهرة والتشهير كما يحدث من البعض يجلسون ويتباهون في النوادي وفى الحفلات الخيرية، أنا دفعت شيكا بمبلغ كذا، وآخر أنا كفلت عشرين طفل، وثالث يقول أنا دفعت مصروفات خمسين يتيم.
نقول لهؤلاء لاتتبعوا أعمالكم بالمن والأذي من أجل الشهرة فإن ذلك يدخل في باب الرياء والعياذ بالله من السمعة والشهرة والرياء فكل ذلك أبواب نفاق، (ثم لايتبعون ما انفقوا منا ولا أذى).
وهذا ما تطلق عليه المؤسسات الإجتماعية بالتكافل الاجتماعي وهذا ما وضحه لنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف، أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بإصبعيه الوسطي والسبابة.
لكن إن جاز لي أود أن أطرح على حضراتكم سؤالا مشروعا، هل الإهتمام والاحتفاء والاحتفال باليتيم يكون يوما واحدا؟!!.
لا وأيم الله وإنما إكرام اليتيم لابد أن يكون موصولا ومستمرا على الدوام ليس هذا وحسب بل والإحسان إليهم في كل أيام العام، ولو حتي بكلمة طيبة ولو بنظرة حانية إليهم تدخل البهجة والسرور علي قلوبهم، رسول الله في يوم العيد يمر في الشارع ويجد الأطفال يلعبون ويبتهجون ويشاهد طفلا صغيرا يقف علي جانب الطريق يبكي بأبي أنت وأمي يا رحمة للعالمين يبكي لبكاء الطفل يقول له ما يبكيك يابني يقول استشهد أبي في غزوة مع رسول الله فضمه الرسول إلى صدره ومسح على رأسه يعلمنا أن المسح على شعر اليتيم، كل شعرة بحسنة لنا لمواساتنا إياهم، ويأخذه إلى بيته ويقول أما ترضى أن يكون رسول الله أبا لك، وعائشة أما لك، فتهلل وجه الصبي وخرج وإذ بالصبية يسألونه ما بك ما الذي أسرك يقول رسول اللّه أبي وعائشة أمي فتمنى الأطفال أن يستشهد أبائهم حتي يناولوا هذا الشرف.
قهر اليتيم
في كل شارع من شوارع بلدنا ، في كل قرية، في كل مدينة، في كل حارة ، في كل زقاق حتي، يوجد أيتام فأووهم وأحسنوا إليهم. فنحن لنا أبناء ونحن الآن أحياء لاندري ماسيحدث غدا وأن الموت لأقرب لأحدنا من شراك نعله، فأحسنوا ولو بالكلمة حتى يجد أبنائنا من يحنو عليهم ولاتقل سأترك لهم أموالا تنفعهم، نقول ومن الذي سيتولي إدارة هذه الأموال، فاتقوا الله وأحسنوا يحسن الله إليكم.
(فأما اليتيم فلاتقهر)، وجوه قهر اليتيم كثيرة، منها عدم معاملتهم بما يرضي الله بسبهم ولعنهم وشتمهم وإهانتهم (و تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم).
كذلك إذا ضاقت بهم السبل وأوقعت أحدهم الحاجة أن يعمل في حرفة تتولى إدارتها فلاتحمل عليه ولاتحمله مالا يطيق وإذا كنت تعطيه أجرا، فضاعفه يضاعف الله لك.
أيضا من وجوه القهر، أكل ماله بالباطل وهذه جريمة وأي جريمة، جريمة عقابها النار في البطون ، والسعير في قعر جهنم(إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نار وسيصلون سعيرا).
هذا بالنسبة لك .
نبت من حرام
أما ما سيحدث لذريتك فسيكون الفشل حليفهم لأنهم نبتوا من حرام لماذا لأن أبيهم أطعمهم طعاما حراما أكل مال اليتم الضعيف الذي استأمنك أبوه على هذا المال فنهبته والعياذ بالله.
ومن وجوه قهر اليتيم (وإن خفتم ألاتقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء)، الزواج من اليتيمة إن لم تستطيعوا أن تعدلوا معهن وتوفهن حقوقهن الشرعية من معاملة حسنة طيبة ، وكذلك الطمع في أموالهن فلا تنكحوهن أفضل لكم.
هل كفالة اليتيم من فروض الأعيان أم من فروض الكفايات؟!.
نقول هى من فروض الأعيان وفقا لفقه الاستطاعة فالمستطيع الذي يقدر على كفالة طفل أو طفلين، أقول كفالة وليس تبني بشهادة ميلاد .
فالإسلام نهى عن ذلك حفاظا على الأنساب. ولكن أقر الكفالة والإنفاق إن استطعت في بيتك فحسن وإن لم تستطع تتكفل برواتب شهرية للمؤسسات التي تتولى مثل هذه الأمور، جمعيات معتبرة مشهرة ومشروعة، لا جمعيات نصب واحتيال تأخذ هذه الأموال غيلة.
وأرى أنه من الممكن أن يكون من فروض الأعيان لا أقول بدفع الأموال ولا الإنفاق ولكن ولو حتى بكلمة طيبة حسنة ولو حتى بابتسامة رقيقة جميلة، وهذه أطلق عليها الكفالة المعنوية إن صح التعبير وهذا اجتهادي وقناعتي الشخصية ولكم الحرية في أن تقبلوه أو ترفضوه.
أحسنوا إلى الأيتام وخففوا عنهم حرمانهم من الآباء والأمهات وجففوا دموعهم فقدر الله هو الذي فعل بهم ذلك، واعلموا علم اليقين أن خير البيوت بيت يكرم فيه يتيم، وشر البيوت بيت يهان فيه يتيم أو كما قال المعصوم صلى الله عليه وسلم، ولا تجعلوا احتفالكم بالأيتام يوما واحدا من كل عام أول أبريل بل اجعلوا العام كله احتفاءا واحتفالا بهم ولاتفرقوا فى المعاملة بينهم وبين أبنائكم واتقوا الله، لأنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. واختتم حديثي بهذه الآية الكريمة (يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم)من الآية 220من سورة البقرة.
أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان ورئيس القسم
عادل القليعي يكتب .. روحانيات .. يا عباد فاتقون
عادل القليعي يكتب .. هل نحن حقا خير أمة ؟!