توبكُتّاب وآراء

د/داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم» : العلاقات المصرية السعودية.. جبهة واحدة ضد فتن الإعلام المضلل

تُعدّ العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية نموذجًا فريدًا في التاريخ العربي الحديث، ليس فقط لأنها تقوم على روابط الأخوّة والمصير المشترك، بل لأنها تمثل ركيزة أساسية في منظومة الأمن القومي العربي، وضمانة لاستقرار المنطقة في وجه التحديات المتزايدة التي تحيط بها.

لقد أثبتت السنوات الماضية أن التنسيق المصري السعودي هو حجر الزاوية في مواجهة كل محاولات العبث بمقدرات الأمة، وأن قوة العلاقة بين القاهرة والرياض تُشكل رسالة واضحة بأن العروبة ما زالت بخير ما دامت هناك إرادة صلبة تقف خلفها قيادتان واعيتان تُدركان أن تماسك الصف العربي هو خط الدفاع الأول عن المنطقة بأسرها.

فمنذ عهد الزعيمين الراحلين جمال عبد الناصر والملك فيصل، والعلاقات بين البلدين تتجاوز حدود الدبلوماسية إلى عمق استراتيجي وإنساني يجمع الشعبين. واليوم، تواصل القيادة السياسية في البلدين بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، مسيرة التكامل العربي التي تترجمها شراكات اقتصادية وتنموية وسياسية متنامية.

لقد شكّل التنسيق المصري السعودي في الملفات الإقليمية والدولية عنصر توازن في المنطقة، سواء في دعم القضية الفلسطينية، أو في مكافحة الإرهاب، أو في مواجهة التدخلات الخارجية التي تسعى إلى تفكيك الكيانات الوطنية.

وفي الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين القاهرة والرياض هذا التلاحم، تطفو على السطح بين الحين والآخر محاولات مشبوهة لضرب هذه العلاقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تقودها أبواق الفتنة التي تتخفّى خلف حسابات مزيفة وصفحات ممولة هدفها زعزعة الثقة بين الشعوب العربية، وإشعال نيران الخلاف والشكوك بين الدول الشقيقة.

تلك الحملات الممنهجة ليست عفوية، بل هي جزء من حروب الجيل الخامس التي تستخدم الإعلام الرقمي سلاحًا لتفتيت الوحدة الوطنية، وتشويه الرموز، وبث الإحباط واليأس بين الناس. وهي تسعى إلى النيل من الرموز العربية القوية التي حافظت على تماسك المنطقة، وفي مقدمتها مصر والسعودية.

إن الردّ الحقيقي على هذه الأبواق لا يكون بالصمت أو التجاهل، بل بالوعي، والتثقيف، والمواجهة الإيجابية. فالمعركة اليوم لم تعد عسكرية فحسب، بل أصبحت معركة وعي وبصيرة، تتطلّب من كل مواطن عربي أن يكون حارسًا للكلمة ومسؤولًا عن المعلومة.

ومع تطور التكنولوجيا، باتت مسؤولية الإعلام الوطني أكبر من أي وقت مضى، إذ يجب أن يتحول إلى درع واقٍ ضد التضليل، يفضح الأكاذيب وينشر الحقائق بلغة هادئة وموضوعية.

كما أن المؤسسات العربية مطالَبة بالتنسيق في مجال الأمن المعلوماتي ومكافحة الحملات الإلكترونية الموجّهة التي تستهدف رموزها واستقرارها.

إن العلاقات المصرية السعودية لم تكن يومًا علاقة مصالح عابرة، بل هي شراكة مصير، وامتداد طبيعي لتاريخ طويل من التضامن العربي في السراء والضراء. وأي محاولة للمساس بهذه العلاقة تمسّ وجدان الأمة كلها، لأن وحدة الصف المصري السعودي تعني ببساطة وحدة الأمة العربية.

ولذلك، فإن واجب المرحلة يفرض علينا أن نواجه خطاب الفتنة والكراهية بوعي وحكمة، وأن نُحافظ على ثوابتنا وقيمنا المشتركة، وأن ندرك أن قوة العرب تبدأ من تماسكهم لا من تفرّقهم. فليكن شعارنا دائمًا: “مصر والسعودية.. قلب واحد في جسد الأمة العربية.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى