صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : ليس أبو ريدة فقط!
عقود طويلة، والإعلام يتسابق مع كل سقوط كروي لإجراء حوارات مع كبار الخبراء المصريين المخضرمين في اللعبة، لوضع روشتة علاج لأمراض الكرة المصرية، حتى تتعافى من أزماتها وتتلافى التوديع المبكر لتصفيات ونهائيات الأمم الأفريقية وكأس العالم .. “اتنبح صوت” الخبراء طوال سنوات في توصيات حفظناها مع كل أزمة، وكنا نسبق في عرضها الخبير نفسه ونحن نحاوره لأنها باتت قواعد محفوظة .. مثل الاستعانة بـ” العين الخبيرة النادرة” لكشف المواهب، وإنشاء مراكز للموهوبيين ورعايتهم في كل محافظة والاستعانة بخبراء لديهم الكفاءة الفنية والأمانة الذاتية للإشراف على المراكز،لضمان شفافية انتقاء النشء، وملاعب مجهزة متعددة فرعية ورئيسية.. الخ.
المهمة معقدة ليست توصيات تنفذ فقط ، فأي خلل في تفصيلة “منظومة التطوير” كأنك لم تفعل شيئا.. تبني أكاديميات ومراكز وبنية تحتيه وتغفل عنصرا واحدا كـ العنصر البشري الكفء “الخبير المؤهل” لن تجد منتجا مميزا.
وإذا كان هاني رمزي نجم الكرة المصرية السابق طالب رئيس اتحاد الكرة هاني أبو ريدة بالذهاب للمغرب ليتعلم من التجربة رغم عدم الحاجة للسفر – مع اليقين بأن أي تجربة تحتاج الرؤية والمباشرة لأهمية الجزئيات والتفاصيل – بعد أن لخص رئيس الجامعة المغربية فوزي لقجع النجاح قائلا: إنجاز فوز الشباب بكأس العالم “ليس صدفة، هو ثمرة” رؤية استراتيجية” أطلقها العاهل المغربي محمد السادس 2008، موجهًا الجامعة الوطنية نحو خارطة طريق شاملة لتطوير البنية التحتية الرياضية بكل ماتعنيه الكلمة ” إنشائيا وبشريا”.
وفي 2009 دشنت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وبدأ “المشتل الحقيقي” للمواهب المغربية، خرّجت أسماء تألقت في مونديال قطر مثل أوناحي، وأجورد، وغيرهما
الأكاديمية نقطة تحول في تاريخ الكرة المغربية، تجسيد لفلسفة الاحتراف والبناء العلمي، لتخريج لاعبين، ومدربين، ومحللين، وفنيين في تناغم داخل المركز.
الأسلوب العلمي جعل من ” أسود الأطلس” قوةً كروية تأهلوا في السنوات الأخيرة ” أندية ومنتخبات” للنهائي (قاريًا وعالميًا ) 29 مرة فازت المغرب في 25 وخسرت 4 نهائي فقط.
الرؤية” الملكية” جعلت الرياضة دافعا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأضحت الكرة عاملًا لدمج الشباب بالمجتمع وبناء المواطنة والتميز.
شعار الأكاديمية “جيل يسلم جيل”.. داخل مركز محمد السادس، من الناشئين حتى المنتخب الأول.. المنظومة متكاملة، وكل لاعب يعرف مساره قبل أن يصل إلى القمة.
والعمل في الأكاديميات والأندية ثقافة جديدة، تعتمد على التخطيط والتدرّج وليس الصدفة أو الحماس اللحظي، وهذا سر عبقرية التجربة، فنهضتها لاتقتصر على “الكورة “فهي تندفع في كل المحاور الإقتصادية والاجتماعية، مما تفرض على المؤسسات المصرية التوجه لـ المغرب للتعلم حسب رؤية “هاني رمزي”!!
بلد ارتفعت صادراته الصناعية، في السنوات الأخيرة أكثر من الضعف، وأكبر منتج للسيارات في أفريقيا ، العام الماضي أنتج 570 ألف سيارة، ما يعادل سيارة كل دقيقة بفضل سياسة رشيدة وخطط مدروسة .. لاتعتمد على سباق الأرقام والاحتياطي النقدي و” الشو” فقط، وإنما مردود التنمية على المجتمع،وخفض أعداد الفقراء، بينما نحن نعمل بوادِ آخر جعل رئيس دولة عربية شقيقة – يحكي واقعًا مُرًا- يتندرعلينا ويصف مصر ببلد يعمل ببطء للغاية! .. وللحديث بقية




