توبكُتّاب وآراءمنوعات

الإعلامية أمل مسعود تكتب لـ «30 يوم» : المتحف المصري الكبير ودور المرأة في الحضارة المصرية القديمة

يقف المتحف المصري الكبير شامخًا على أرض الجيزة كشاهد عصري على عظمة حضارة عمرها آلاف السنين. هذا الصرح الثقافي الضخم، الذي يُعد أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، لا يمثل فقط مستودعًا للآثار، بل هو جسر يربط الماضي العريق بالحاضر المشرق، وينقل للأجيال القادمة إرثًا إنسانيًا لا يُقدر بثمن.
تكمن أهمية المتحف المصري الكبير في دوره المحوري لحفظ التراث الإنساني وعرضه بأحدث التقنيات العالمية. يضم المتحف أكثر من مئة ألف قطعة أثرية نادرة، من بينها مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة لأول مرة، مما يجعله وجهة عالمية تجذب ملايين السياح سنويًا، وتسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني وتعزيز المكانة الثقافية لمصر على خريطة العالم.
وبين جنبات هذا المتحف العظيم، تتجلى شواهد مبهرة على دور المرأة المصرية في بناء واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية. فالمرأة في مصر القديمة لم تكن مجرد شريك، بل كانت صانعة للتاريخ وحاكمة للإمبراطوريات.
تروي لنا النقوش والتماثيل قصص ملكات عظيمات حكمن مصر بحكمة وقوة، مثل حتشبسوت التي قادت البلاد في عصر ذهبي من الازدهار والسلام، وكليوباترا السابعة التي أذهلت العالم بذكائها السياسي وفطنتها الدبلوماسية، ونفرتيتي التي أصبح جمالها رمزًا خالدًا للأنوثة المصرية.
لكن دور المرأة لم يقتصر على العرش الملكي، فقد شغلت المرأة المصرية مناصب كاهنات المعابد، وأطباء، وكاتبات، وتاجرات، بل وتمتعت بحقوق قانونية متقدمة كالميراث والطلاق وامتلاك الأملاك، وهي حقوق لم تحصل عليها نساء حضارات أخرى إلا بعد آلاف السنين.
إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى يحتضن الآثار، بل هو منارة تضيء للعالم أجمع كيف أن مصر القديمة منحت المرأة مكانتها اللائقة، واعترفت بدورها الأساسي في بناء الحضارة. وفي زمن نسعى فيه لتحقيق المساواة والعدالة، يقدم لنا التاريخ المصري درسًا قيمًا: أن تقدم الأمم يقاس بمدى تكريمها لنسائها وإيمانها بقدراتهن.
فلنحافظ على هذا الإرث العظيم، ولنستلهم من حضارتنا الخالدة القيم النبيلة التي تجعل من مصر مهد الحضارة الإنسانية ومنارة العلم والمعرفة للعالم أجمع.

كاتبة المقال : الإعلامية أمل مسعود الأمين العام لاتحاد المرأة الأفريقي الأسيوي نائب رئيس الاذاعة المصرية سابقا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى