أخبار مصرتوبكُتّاب وآراء

حمدي رزق يكتب : المخابرات المصرية .. لديكم فريق مذهل

بذكاء دبلوماسى التفت المبعوث الخاص الأمريكى للشرق الأوسط «ستيفن ويتكوف» خلال لقائه مع الرئيس السيسى إلى الفريق المصرى المفاوض فى شرم الشيخ قائلًا: «لديكم فريق مذهل.. لولا قيادتكم ومهارات فريقكم الفريدة، لما كنا استطعنا تحقيق الكثير. لقد أثبتوا كفاءة استثنائية فى اللحظات الحاسمة». وفى إشارة لافتة إلى اللواء «حسن رشاد»، رئيس المخابرات العامة: «ربما لن تسجل كتب التاريخ تفاصيل ما جرى، ولكن بدونكم سيدى لم نكن لنصل إلى هذه النتيجة». واللبيب من الإشارة يفهم، فريق المخابرات المصرية المفاوض يكتب سطرا فى سجلات الفخار الوطنى، من يوصفون بـ«رجال الظل»، بطولاتهم خلف الستار تحكى عنهم كما حكى «ويتكوف»، لكن بطولاتهم تفوق الخيال.

المخابرات المصرية (الجندى المجهول) فى حرب غزة من أول لحظة، ودور رجال الظل فى إيقاف الحرب لم يحن وقت إعلانه، مجرد إشارة من «ويتكوف»، ستسمعون لاحقا عجبا، قصة وطنية مشرفة، لأبطال ذادوا عن الحدود ببسالة، وأجهضوا مخطط التهجير والتوطين، وحفظوا غزة لأهلها، ورسموا حدودًا فاصلة بين الممكن والمستحيل.

وليس بجديد عليهم، ملفات المخابرات منذ تأسيسها فى ٢٢ مارس ١٩٥٤ تحوى بطولات فاخرة، كل بطولة شرف عظيم، وكل رجل من رجال المخابرات حالة استثنائية متفردة، يضحون بأرواحهم فداء لوطن يستحق الفداء.

عامان من السعى المتواصل بين غزة وتل أبيب وعواصم أخرى، عامان وهم يعملون فى صمت (تحت القصف) النيرانى والإعلامى، لم يغمض لهم جفن وهم يسعون لإيقاف عجلة حرب الإبادة. ومنذ السابع من أكتوبر (قبل عامين)، وهم يؤسسون لاتفاق «شرم الشيخ»، بصبر وجلد واحترافية وخبرة رجال عركتها السنون والتجارب مع عدو غاشم. رجال الظل، ظلوا على حالهم، وعلى أطراف أصابعهم، واحتراق أعصابهم، مستمسكين بالصبر والصبر الجميل، والأمل فى تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، وفق حل الدولتين.

أنجزوا ما لم تستطعه مخابرات دولة كبرى، وكانوا دومًا محل ثقة القيادة السياسية التى أولتهم أمانة هذا الملف، فأدوا الأمانة، وكانوا خير مؤتمن على قضية شعب غزة فى أرضه.

مستوجب الحفاوة بمن يفتدون الوطن، داخل وخارج الحدود، ساهرون على أمنه وسلامته، ويقفون سدًا منيعًا أمام محاولات الاختراق، عصية هى مصر على الاختراق وفيها مثل هذا الفريق المذهل، وصقوره الأبطال.

المخابرات المصرية فى واحدة من تجلياتها فى إنجاز اتفاق شرم الشيخ، تترجم معانى الوطنية، والاحترافية، ملفات المخابرات الوطنية تحوى بطولات جد عظيمة، عبر الحدود، دفاعًا عن الأمن القومى المصرى، وما نعرفه أقل القليل، هوامش حية على متون عظيمة، كتاب مفعم بالبطولات، وبرجال عظماء رمزيات وطنية بامتياز.

شببنا عن الطوق متيمين بعبارة «من ملفات المخابرات المصرية» على أفيشات المسلسلات والأفلام، روائع درامية خلبت الألباب، ورسمت شعار المخابرات فى الأذهان، الشعار معبر تمامًا «عين حورس» الشهيرة التى تحاول أن تستكشف كل الأخطار ورصدها، ويقع أسفلها مباشرة عُقاب قوى ينقض من علٍ على أفعى سامة لينتزعها من الأرض، رمزًا لجديتهم ودأبهم فى مواجهة الأخطار والشرور التى تواجه الأمن القومى للبلاد.

معارك الأمن القومى تبدأ من الداخل، بتأمين الجبهة الداخلية ضد محاولات الاختراق العقورة، أما معارك الخارج فقصة إيقاف حرب غزة ومنع التهجير والتوطين سيأتى يوم فرص لتحكيها الناس للناس.

التاريخ يقول كلمته فى عقود سبعة سبقت، وتاريخ المخابرات يشهد على وطنيتها الجارفة، احتلت مكانة راقية فى الضمير الوطنى الحى، والضمير الوطنى صادق ومعبر تمامًا عن قدر الاحترام والتبجيل الذى تحوزه المخابرات المصرية.

العقد الأخير لربما كان الأخطر فى تاريخ المخابرات المصرية، عشناه بكل تفاصيله المعلنة، وتعوزنا الكثير من البطولات التى لم يكشف عنها فى جهاز وطنى (السرية عنوانه).

معارك العقد الأخير، ابتداء من أحداث ٢٥ يناير، وانتهاء بحرب غزة، كانت خارج وداخل الحدود لإجهاض محاولات اختراق الحدود.

توقيف الخلايا المدفوعة من خارج البلاد إلى داخلها، وتجفيف منابع وتمويلات الإرهاب بطول وعرض البلاد، وقطع حلقات التواصل بين الداخل والخارج، وإجهاض هذه التكوينات الشريرة قبل إحداث أضرار بالأمن القومى.

عين حورس ساهرة، والعِقْبان، جمع عُقاب لا تنام، بعض لمحات من بطولات المخابرات ترويها الأفلام والمسلسلات، هامش معتبر على متن تاريخ عظيم لجهاز وطنى يقتات البذل والتضحية والفداء.

«رجال الظل» حالة وطنية مستدامة، كل رجل من رجالات المخابرات بطل عظيم، وما ينشر فى سطور بعض يسير من كثير من الأعمال البطولية التى تتم خلف ستار من (الدهاء الاستخباراتى) الذى صار عنوانًا عريضًا لأجيال تربت على الوطنية الحقة، يجودون بالنفس حماية للأمن القومى.

المخابرات المصرية جامعة عظيمة تقتات دروسًا فى الوطنية تحتاجها أجيال شبت دون تأسيس وطنى حقيقى مؤسس على فكرة الوطن والوطنية، فتتخطفها الضوارى فى المنافى.

لولا يقظة «رجال الظل» الذين يعملون فى صمت، رجال الصمت تتحدث عن بعض بطولاتهم المسلسلات والأفلام وويتكوف أخيرًا، البطولة الحقيقية لاتزال محفوظة فى ملفات المخابرات المصرية.

المصري اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى