الإعلامية الجزائرية د. كريمة الشامي الجزائري تكتب لـ «30 يوم» : الزمن بين الأمس واليوم … الشيخوخة الجميلة

حين ننظر إلى صور الطفولة ثم نُقارنها بصورتنا اليوم، ندرك أن الزمن لم يكن مجرّد تقويم يمضي، بل كان شريكًا في تشكيل ملامحنا ونضجنا النفسي والعاطفي.
الشيخوخة الجميلة (Aging Gracefully) ليست مجرّد مقاومة للتجاعيد أو البحث عن وصفات لإخفاء العمر، بل هي قدرة على أن نعيش كل مرحلة بوعي، نُضيء في الأماكن الصحيحة وننطفئ عن طواعية في حضور ما يستنزفنا.
التفاعل النفسي: نحن نتغير بمن حولنا
في علم النفس الاجتماعي، يُقال إن الإنسان ليس فردًا ثابتًا بل “كائن تفاعلي”. شخصيتك، مشاعرك وحتى طاقتك ليست معزولة عن الآخرين.
نلمع حول من يحبنا بصدق، لأن الحب يرفع “هرمونات السعادة” مثل الأوكسيتوسين والسيروتونين، فنبدو أكثر شبابًا وألقًا.
وعلى العكس، حين نكون في محيط خاطئ، نستهلك أعصابنا، يُستنزف جهازنا العصبي، وتظهر علامات الإرهاق أسرع من علامات العمر.
المرونة النفسية: سرّ الجمال العميق
القدرة على التكيّف مع مراحل العمر المختلفة، من الطفولة إلى الشباب فالشيخوخة، تُسمّى في علم النفس Resilience أو “المرونة النفسية”. هي ما يسمح للإنسان أن يواجه الفقد، التغيير، والخيبات دون أن يتحطم. المرونة لا تمنع الألم، لكنها تُحوّله إلى درس ومعنى، لتغدو التجاعيد شهادات خبرة لا مجرد علامات على الجلد.
الامتنان: علاج العمر الروحي
الدراسات النفسية الحديثة تُثبت أن ممارسة الامتنان (Gratitude Practice) تُبطئ من التدهور النفسي المرتبط بالعمر، لأنها تُعلّم الدماغ أن يرى النصف الممتلئ من الكأس. حين تقولين: بين الأمس واليوم ممتنة لله دائمًا وأبدًا”، فأنتِ تمارسين أرقى شكل من أشكال العلاج النفسي الذاتي، حيث يصبح الامتنان درعًا يحميك من قسوة الزمن.
الخلاصة
الشيخوخة الجميلة ليست في بقاء الملامح كما كانت في الطفولة، بل في أن يبقى القلب طريًا، والروح ممتنة، والعقل قادرًا على التفاعل الإيجابي.
نحن لسنا شخصًا واحدًا عبر الزمن، بل نحن سلسلة من الشخصيات التي تنمو وتتفتح مثل وردة في كل فصل.
كاتبة المقال .. الإعلامية الدكتورة كريمة الشامي الجزائري … بروفيسورة في علم النفس – هيوستن
اقرأ أيضا: