حمدي رزق يكتب : القول المخاتل بنهاية الإخوان؟!

فى عالم الحيوان، يلفتك بشدة سلوك حيوان «الأبوسوم»، يُجيد التظاهر بالموت، كآلية دفاعية عند الشعور بالخطر. ساعتها (ساعة الخطر) يقع «الأبوسوم» أرضًا ويثبت جسده ويتشنج، مع بقاء عيونه مفتوحة جزئيًا أو مغلقة، ويكشف أسنانه ويُخرج لعابًا، وتصدر منه رائحة كريهة ليبدو كأنه ميت.
فى مواجهة الحملة الوطنية على فلولهم الكامنة وذئابهم الشاردة، تتردد شعبيا مقولات استنكافية، خلاصتها مش كل حاجة تحصل فى البلد تقولوا إخوان، إخوان، الإخوان ماتوا.. فضوها سيرة؟! تسمعها تلقائيا عقب كل حادث يشتم منه رائحة الإخوان الكريهة ، رائحتهم نفاذة، ومع كل خبر يشى بخطر الجماعة الصهيونية على الأمن القومي، تسمع مقولات عبثية عن موت الإخوان ، نهاية الإخوان، مقولات تسرى كالخدر اللذيذ بين الناس، فينتشون ويفضونها سيرة تخليا عن الحذر وبشدة من خطورة حيوان الأبوسوم النائم ظاهريا. مقولات خبيثة تستهدف إحداث الاسترخاء العام، فضلا عن تثبيط الحملة، وتحبيط المحللين، وتسفيه خطورة الجماعة ما يمكنها من الإفلات من العقاب الوطنى الواجب.
إخوان الأبوسوم، يتظاهرون بالموت درءا للخطر اللحظى على الجماعة التى عمرت طويلا، قرنا كاملا من خيانة الأوطان، جماعة إرهابية معمرة، أقدم تنظيم إرهابى عرفته البشرية، والتعبير مستقى من خطاب للرئيس «عبد الفتاح السيسي» محذرا من خطرهم الداهم على سلامة الدولة الوطنية.
الإخوان كجماعة لا تفني، تتكاثر خلاياها السرطانية شيطانيا، والفكرة الإخوانية كجرثومة المعدة، بكتيريا حلزونية، تعيش وتتكاثر فى الجدران المبطِّنة للأحشاء المعدية، والغالبية العظمى من المصابين بالبكتيريا الحلزونية لا تظهر عليهم أى أعراض إخوانية، ومع ذلك هى المسبب للعديد من الأمراض المجتمعية بما فى ذلك القرح الوطنية، ويظل الشخص مصابًا بالعدوى الإخوانية ما لم يخضع للعلاج فى مصحات الوعى الوطنى . الجرثومة الإخوانية الحلزونية متحوصلة فى أحشاء الوطن، جماعة الإخوان كالنازية الألمانية، و»كو كلوكس كلان» الأمريكية ، قد تختفى عدة سنوات ويقول الناس إن جماعة الإخوان قد ماتت، قبرت ، والحقيقة أنها تبدو كأنها ماتت، لكنها كانت دائما موجودة تحت السطح فى انتظار الفرصة لتنشط إرهابيا.
من يقول إن الجماعة ماتت، أثم فى قلبه، يسهم بغباء فى المجهود الإرهابى للجماعة الارهابية، يُوطِئ ويُمَهِّدُ لها الطريق، من الإمهاد والتسهaيل والتعجيل بعودتها من منفاها. التظاهر بالموت، حيلة «الأبوسوم» من خصائص هذه الجماعة المعمرة، وفى حياتها تظاهرت بالموت كثيرا، وفى مفاصل تاريخيّة، اختفت بعد حادثة المنشية تحت وطأة ضربات عبدالناصر، وعادت لتضرب من جديد أيام السادات، وتغتاله علانية، واختفت أيام مبارك قبل عام 2000، وعادت لتسقطه فى 2011، وقبرها الشعب فى 30 يونيو، ومحاولات إحيائها حثيثة بمباركة استخبارات معادية تستبطن ثأرا من ثورة 30 يونيو . ومتى يظن أنها ماتت، تستيقظ الجماعة من قبرها الاختياري، كما عودة مصاصى الدماء من قبورهم الجافة، عادة ما يتم دفن مصاص الدماء فى تابوت من الرصاص عديم النفاذية لتمام التحلل، وخشية التفلت إذا دفنت الجثة فى العراء.. «تابوت مصاص الدماء» مصطلح يشير إلى ممارسات الدفن التى كانت تتم فى العصور الوسطى لمنع الموتى من العودة، أو تُوضع حجارة ثقيلة على أجسادهم، أو يُوضع منجل على رقبتهم لمنعهم من النهوض. أخشى تصديق الطيبين لفكرة موت الجماعة، وما أخشاه أكثر ركون النخبة الوطنية لمثل هذا الزعم بنهاية الإخوان، مثل التولى يوم الزحف، فيهملون واجبهم الوطنى فى محاربة فكر هذه الجماعة، ويخلون مواقعهم المتقدمة فى معركة الوعي، ما يسبب إرباكا فى الصفوف يخطط له إخوان الشيطان. لفتنى فى هذا السياق كتاب مهم للباحث « طارق أبوالسعد» بعنوان «كمون الإخوان: اختراق المنظمات والاقتصاد والمعرفيات»، وفيه يرصد أكذوبة نهاية الإخوان، ويفرق بين الكمون المرحلى والموت الفجائي، بالسكتة الدماغية.. وخلاصة الكتاب تقول إن الإخوان وأذرعهم اليوم فى العالم بحالة كمون بسبب الحزم الأمنى والسياسي،ويقظة الشعوب التى اكتوت بنار الإخوان..
الحقيقة لم ينته هذا التنظيم، ولم تقبر بعد هذه الجماعة، والواجب علينا جميعاً ألا نطمئن ونقول إن هذا التنظيم قد انتهي، لا بد من الاستمرار فى الهجوم على هذا التنظيم بغية سحقه تدريجيا. هذا تنظيم عمره قرن من الزمان تغلغل فى مؤسسات ووزارات وهيئات لا يمكن اجتثاثه بسهولة ، مع توافر بيئة فقيرة حاضنة الخطر ماثل، وعودة الإخوان من الكمون واردة. المجهود الأمنى والسياسى يفكك الجماعة ويحاصرها، ويحكم قبضته عليها، ولكن المجهود الفكرى كما الفريضة الغائبة، لا يزال دون مستوى معركة الوعي، الفكرة الإخوانية متغلغلة فى أحشاء المجتمع، وتعمل عليها منابر ومنصات ليست خافية، والبيئة الحاضنة لا تزال ترعى فيها قطعان الإخوان،، وتسقى من بحيرة فكرية آسنة، تمدها بأسباب الحياة.. الإخوان فكرة والفكرة لا تموت إلا بالقبر الفكرى فى توابيت من الرصاص.