د. أمل رمزي تكتب لـ «30 يوم» : الدولة تبدأ معركة الوعي من الحضانة
في خطوة تعكس توجه الدولة نحو بناء الإنسان من جذوره، وقّع وزيرا الأوقاف والتعليم بروتوكول تعاون لإطلاق حضانات تعليمية داخل عدد من المساجد الكبرى، وذلك تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة الاستثمار في الطفولة المبكرة وتعزيز قيم التنشئة الدينية والوطنية الصحيحة
هذا التعاون بين وزارتي الأوقاف والتربية والتعليم لا يُعد مجرد مشروع إداري بل هو تلاقي استراتيجي بين رسالتين رسالة المسجد في ترسيخ القيم الأخلاقية والهوية الوطنية، ورسالة التعليم في بناء العقول وتشكيل الشخصية ، إذ تهدف هذه الحضانات إلى تقديم محتوى تربوي معتمد، يتكامل فيه البعد الديني الوسطي مع المهارات التعليمية التأسيسية.
المشروع سيبدأ بشكل تجريبي في عدد من المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، والتي تتوفر فيها البنية التحتية المناسبة من حيث المساحة والتجهيزات والبيئة الآمنة للأطفال ، وسيتم إعداد المعلمات وفقًا لمعايير وزارة التربية والتعليم، مع إشراف مشترك لضمان جودة المخرجات وتوحيد المنهج.
من الزاوية الفكرية فإن المبادرة تمثل أيضا رسالة مهمة في مواجهة الفكر المتطرف الذي لطالما تسلل إلى عقول الصغار في غياب مؤسسات تربوية واعية، فالحضانة داخل المسجد، حين تخضع لإشراف الدولة، تصبح مساحة لبناء وعي ديني مستنير، خالٍ من أي تحريف أو تسييس، وتعزز في الوقت ذاته قيم الانتماء والاعتدال
ولا يمكن إغفال البعد الاجتماعي لهذا المشروع، إذ يُتوقع أن تمثل هذه الحضانات متنفسًا للأسر البسيطة التي لا تستطيع تحمل كلفة التعليم الخاص أو الحضانات التجارية، كما تساهم في دمج الأطفال في أطر تعليمية منذ الصغر، وهو ما ينعكس إيجابًا على تحصيلهم لاحقًا في مراحل التعليم المختلفة.
في المجمل يُمثل هذا البروتوكول نقلة نوعية في مفهوم الاستثمار في التعليم المبكر، حيث يضع المسجد في قلب معركة بناء الإنسان، ويُعيد للمؤسسات الدينية دورها الطبيعي في خدمة المجتمع، دون أن تحل محل المدرسة أو الأسرة، بل لتكمل دورهما بما يعزز مناعة الأجيال القادمة.
حفظ الله مصر.
اقرأ أيضا
د. أمل رمزي تكتب لـ «30 يوم» : زيارة صينية بأبعاد استراتيجية
