كُتّاب وآراء

داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم» : الاتفاقية العسكرية المصرية الكويتية .. تجسيد لتحالف راسخ ورؤية مشتركة للأمن الإقليمي

في خطوة تعكس عمق العلاقات الثنائية وتجذر التعاون الاستراتيجي بين جمهورية مصر العربية ودولة الكويت، تم توقيع اتفاقية عسكرية جديدة بين البلدين، تفتح آفاقًا أوسع للتنسيق الدفاعي وتعزيز الأمن القومي المشترك في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجه المنطقة العربية. وتأتي هذه الاتفاقية تتويجًا لمسار طويل من التفاهمات السياسية والعسكرية بين البلدين الشقيقين، وتجسد توجهًا استراتيجيًا مشتركًا لحماية المصالح الوطنية والإقليمية.

أولًا: خلفية العلاقات العسكرية بين مصر والكويت
العلاقات العسكرية بين مصر والكويت ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى عقود من التنسيق والدعم المتبادل، لعل أبرز محطاتها مشاركة القوات المسلحة المصرية في الدفاع عن الكويت خلال الغزو العراقي عام 1990، حين لعبت مصر دورًا محوريًا في قوات التحالف العربي لتحرير الكويت. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات العسكرية تطورًا تدريجيًا شمل برامج التدريب المشترك، وتبادل الخبرات، والتعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن السيبراني والدفاع الجوي.

ثانيًا: محاور الاتفاقية العسكرية الجديدة
رغم عدم الكشف عن كامل تفاصيل الاتفاقية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، تشير المصادر الرسمية إلى أن الاتفاقية تشمل تعزيز التعاون في مجالات:
• التدريب والتأهيل المشترك للقوات المسلحة
• تبادل الخبرات والبعثات العسكرية
• تنسيق المواقف الدفاعية في المنتديات الإقليمية والدولية
• تعزيز التعاون اللوجستي والتقني
• مكافحة التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب وتهريب السلاح

ثالثًا: الاتفاقية ثمرة لتطور القدرات العسكرية المصرية
تأتي هذه الاتفاقية أيضًا كنتيجة طبيعية لما شهده الجيش المصري من تطوير غير مسبوق خلال السنوات العشر الأخيرة، سواء على مستوى التسليح أو التدريب أو البنية التحتية الدفاعية. فقد صعدت القوات المسلحة المصرية إلى مراتب متقدمة ضمن التصنيفات الإقليمية والدولية، حيث أصبحت من بين أقوى الجيوش في الشرق الأوسط وإفريقيا، وفقًا لتقارير دولية متخصصة كـ Global Firepower.

وقد انعكس هذا التطور في جاهزية الجيش المصري على المستوى التقني والتكتيكي، مما جعله شريكًا استراتيجيًا موثوقًا به لدى العديد من الدول، ومنها الكويت التي تدرك أهمية بناء تحالفات دفاعية مع جيوش تمتلك قدرات رادعة وخبرات ميدانية راسخة.

رابعًا: دلالات الاتفاقية في السياق الإقليمي
تأتي هذه الاتفاقية في توقيت بالغ الحساسية، تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية متفاقمة، منها الصراعات الإقليمية ، واستمرار التوترات في البحر الأحمر، فضلاً عن التهديدات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية والمرتزقة.

ومن هذا المنطلق، تمثل الاتفاقية رسالة واضحة مفادها:
• أن الأمن الخليجي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وفقًا لمبدأ أعلنته القيادة المصرية مرارًا.
• أن دولة الكويت ترى في مصر شريكًا استراتيجيًا موثوقًا، يمتلك خبرات عسكرية راسخة وقوة ردع إقليمية.
• أن البلدين يعيدان تشكيل توازنات جديدة في الأمن الإقليمي، بما يتماشى مع تطلعات الاستقرار والتنمية.

خامسًا: الاتفاقية كترجمة للثقة المتبادلة والتكامل الاستراتيجي
تعكس هذه الخطوة عمق الثقة السياسية بين القيادتين في مصر والكويت، حيث تتقاطع الرؤى حول أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية، ورفض التدخلات الخارجية، والدفاع عن النظام العربي. كما تشير إلى نضج العلاقات الثنائية التي باتت تشمل أبعادًا أمنية واقتصادية وثقافية شاملة، بما يكرّس شراكة استراتيجية طويلة الأمد.

خاتمة:
تشكل الاتفاقية العسكرية بين مصر والكويت علامة فارقة في مسار العلاقات الثنائية، وتُبرز التزام البلدين بتعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الأمنية. ومما لا شك فيه أن هذه الاتفاقية تكرّس مصر كضامن رئيسي لأمن الخليج، وتثبت أن العلاقات المصرية الكويتية ليست مجرد تحالف مصالح، بل تحالف مصير وتاريخ ومبادئ.

وتحيا مصر وعاشت الكويت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى