كُتّاب وآراء

الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : الموت والوجود .. جمالية رسم ملامح الوعي !

ثمة لازمة لا يمكن الفصل من خلالها بين البقاء والفناء تلك المعجزة بحد ذاتها التي أعجزت الأولين والآخرين بحلحلة أو فهم فحواها بمعزل عن ادعيات (الأعلمين ) في ظل سيادة وحيازة تامة للمعنى من قبل ( العليم ) .. وفقا لذلك الإعجاز يبقى الانسان حبيس أنفاسه التي هي ليست ملكه مذ فتح عينيه بنور الأرضين حتى عودته لظلمات سحق البطين ..

يحق للوعي أن يبقى متسائلا .. في ظل وجود يفتقد لكثير من كرامتنا المسلوبة فضلا عن حتمية ( حسن ) الخلق الذي وهبنا من خلاله قدر قراءتنا للواقع والحكم عليه وإمكانية تغييره كمشروع سماوي او تجربة أرضية يحق للكائن العاقل أن يفتخر بدوره فيها ومن ثم يحق ( للموجد ) الحكم من خلاله على مسيرتنا المجلجلة .

الاختبار ليس وليد اليوم ولا يمكن حصره في طقوسية ما فالكون محراب ما بلغنها وتوضئنا واقمنا اتصالنا الروحي من عبيق شذاه او ذلك الذي لم ندرك كنهه بعد .. فالاختبار الحقيقي يكمن بقدرتنا على كسر الالم وتحمله ومن ثم صناعة الامل .

مع وعكة أو صدمة أو مسحة حزن أو رهصة جرأة … ينبغي أن تاخذنا الى النهايات أو ما بعد المقصلة او كاس السم .. الذي شربه سقراط طوعا بل رغبة واعية – لا كما يتوهم البعض –  إذ لو كان يريد شراء ما تبقى من بعض سني عمره الأرذل لحصل عليه بابخس الأثمان ..

ذلك ينقلنا مباشرة إلى مشهدية  كربلاء وما رسم الحسين عليها من اختطاط يستحق الفهم لقراءة الواقع والحكم على العالم قبل الخوض والاستغراق بقشور طقسي لا يتناسب مع عظيم تلك المدرسة الانسانية التي كرم من أجلها المخلوق كأفضل صناعة سماوية على وجه الخليقة .

الوعي يحتاج الى تمحيص يومياته بل جزيئياته والتخلص من ( قشريات) ما ارغم على مضغ تفاهته على شكل تراث مغمس وبلاء مدقع .. الانسان امتداد للحرية بل هو تجربة سماوية لكسر قيود التفكير السطحي ومحاولة عبور المشهد القاتم نحو صفاء واضح يتجلى فيه بعده الذي سار اليه الاحرار طوعا بكل بهاء الفكرة مبتعدين قدر الامكان عن قيود المكان وتفاهة الزمان .

في ظل حقل التجارب ينبغي ان تكون محارب .. ليس بالسيف فحسب فذلك من وسائل القهر الاجبارية او الشهوانية لتحقيق مآرب قاصرة او السير في ركاب مرغمة . ان الانسانية بعد كل ابداعات العقل وتضحيات الوعي وانموذجية الحضارة التي جادت لنا بكوكبة من روائع التحضر ينبغي حصر ثقافتنا بمهمة وعي بينة الامر قبل اي واعية اخرى قد تكون هامشية ازاء جمالية الواجب وقدسية الخالق وطائشية بعض المخلوقين ..  لن يوقفوا قطار الحقيقة السائر بسرعة البرق نحو مرابض الفكر وحضن الوعي وانبلاج سبل الرحمة التي لا مناص من انتظارها وإن طال الانتظار الإيجابي .. الأهم أن يكون الترقب عقلي طوعي كما أرادت لنا السماء برغم أنف قراصنة الأرض والمتصيدين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى