الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» :العالم يتبرأ منهم

تجاوز حل الدولتين من الطرف الإسرائيلي، يعني توقف مشاريع كانت مطروحة، وكانت هناك خطوات إيجابية تسعى لإنجاحها، وقد تطول فترة العودة إليها.
جراح غزة أفشلت كل شيء، من مشروع الاندماج في منظومة الشرق الأوسط، إلى توسيع دائرة الاعتراف والتطبيع، وتجاوز الحاجز النفسي، وعادت الأوضاع إلى مرحلة عدم الثقة، بعد تراجعات نتنياهو عن وعوده بالعمل على حل الدولتين، وهو حل معتمد من الذين سبقوه في رئاسة الوزراء، وموثق في معاهدات، وهو شخصياً كان موافقاً على هذا الحل، ولكن تحالفاته مع الأحزاب المتطرفة، أنسته التزاماته، وغيبت تطلعه للسلام والاستقرار، نتيجة ما اعتبرها انتصارات عسكرية في عدة مناطق!
الوضع أصبح مختلفاً، فالذي يحدث في غزة، ليس رداً على هجوم حماس في السابع من أكتوبر 23، وحماس ليست غزة وأبناءها البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص، وخمسون ألف قتيل ليس أمراً هيناً، كما نلاحظ من ردود أفعال العالم، فالذي يتحرك اليوم في هذا العالم، ليس المشاعر العاطفية المنحازة من أخ وابن عم، بل من غريب في أمريكا وأوروبا، يشعر بأن إنسانيته تهان مع قتل الأطفال وتجويعهم، وسرقة المساعدات الدوائية والغذائية المرسلة إليهم، فهؤلاء ليسوا متعاطفين فقط، بل هم خائفون من وجود قوة منفلتة، عجزت القوانين الدولية، ومناشدات القادة في العالم، عن إثنائها، ووضع حد لتصرفاتها الوحشية!
قبل ثلاثة أيام، رأيت مجموعة من الأشخاص يلوحون بعلم فلسطين في أحد شوارع لندن، عاصمة الدولة التي وهبت فلسطين، من خلال وعد بلفور، لليهود، وعندما توقفنا عند إشارة المرور، اكتشفت أن المحتجين من اليهود الرافضين لإسناد ما يحدث في فلسطين إليهم، ويعلنون تبرؤهم من أفعال أولئك المتطرفين المتحالفين مع كبيرهم نتنياهو، وقد تكرر مثل هذا المشهد من مفكرين وسياسيين وأدباء وطلاب جامعات في دول أوروبية أخرى، وأيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن ما يحدث في غزة والضفة وسوريا ولبنان، أعاد المنطقة إلى المربع الأول، وتراكمت حواجز نفسية جديدة، تحتاج إلى سنوات طويلة حتى تُنسى وتزول، رغم أن حل الدولتين كان قريباً من الذين يحبون العيش في برك الدم.
اقرأ أيضا
الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» :الحقيقة لا تُزوّر