سمية عبدالمنعم تكتب .. يوم لا ينفع مع العربِ ندم
نولد ويولد معنا حلم تحرير فلسطين، ويكبر ذلك الحلم بداخلنا عاما بعد عام هكذا نحن الشعوب العربية على اختلاف نزعاتها ودياناتها وتحزباتها، لا شيء يربطنا مثلما تفعل فلسطين وحلم تحريرها .. لكن هل يجمع الحلم ذاته حكومات الدول العربية جميعا وحكامها ؟ بالطبع نعم، إلا أن ردود الأفعال المترددة والمتخاذلة من معظم الدول العربية تجاه ما بدأه العدو الصهيوني مؤخرا من حرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني المحتل، يثير بداخلنا كثيرا من الشكوك تجاه إجابة ذلك السؤال، لندرك أن أهمية القضية الفلسطينية قد تراجعت في قلوب بعض الحكام العرب، فصارت هناك مواءمات وحسابات أهم وأولى على طاولاتهم .
هكذا تناسى هؤلاء أن قضية فلسطين هي قضية قومية عربية، لا قومية فلسطينية أو مصرية. وهذا يعني أن احتلال فلسطين، ليس اعتداء على فلسطين (حدود سايكس ـ بيكو)، ولا على سكان فلسطين الذين صورتهم خريطة الاحتلال البريطاني، بل هو اعتداء على العالم العربي كله ( إذا ما اعتبرنا العالم العربي كتلة واحدة )، والأمة العربية واحدة،رغم حدود ساكيس ـ بيكو وكل حدود الاحتلال الاستعماري .
ترى هل نحن بحاجة لتذكير هؤلاء الغافلين بأن المشروع الصهيوني لم يقم من أجل فلسطين، بل قام في الأساس ليحقق أهدافه العربية، فكانت فلسطين مجرد أداة ومنطلق لتثبيت التقسيم الإمبريالي، ومنع تحقيق الوحدة القومية والتحرر السياسي والاجتماعي .
وإذا ما وصل هؤلاء لهذا الوعي أدركوا أن تحرير فلسطين ليس شأناً فلسطينياً، بل هو شأن عربي يكاد يكون أهم من الشئون الداخلية لكل دولة، لأن تداعيات تجاهله ستنسحب قريبا، وقريبا جدا على المنطقة العربية بأسرها، وهو ما يحتم تأكيد تلك العلاقة بين تحرر فلسطين وبناء مقاومة عربية تحمل في تاريخيتها مشروعا نهضوياً فكرياً وسياسياً، يضع تحرير فلسطين كمهمة قومية، وهو ما يؤكد بدوره ضرورة وأهمية تحقق حلم الوحدة العربية، كمسألة مركزية في المشروع القومي الديمقراطي، وهي شرط ضروري لتحرير الأرض وإن لم يكن كافياً، وضرورة استمرار النضال العربي (الموحد) ضد المحتل الصهيوني، ولنضع نصب أعيننا ذلك الوعد والحلم المشئوم (من النيل إلى الفرات)، والذي بدأت بذوره تؤتي ثمارا، وإلا سيحين الدور على كل متردد منبطح متجاهل، وحينها سيعض المتخاذلون أصابع الندم، يوم لا ينفع ندم .