لواء دكتور راضي عبد المعطى يكتب : المعاملة بالأصل لا بالمثل
قال تعالى : ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَك وبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ حسن المعاملة أسلوب يعكس أسمى العلاقات الاجتماعية، ويرسم ملامح الشخصية الطيبة النقية بالاضافة إلى أن التواصل والتعامل مع الآخرين فن لا يجيده إلا الجيد، وللأسف يفتقده الكثيرون الآن .
قال تعالى ” وقولوا لهم قولا معروفا”.. هناك الكثير من الآيات القرآنية جاءت بمثابة توجيه رباني لتنظيم العلاقة بين الناس وحثهم على ضرورة الاهتمام بكيفية اختيار وانتقاء أفضل الألفاظ وأحسنها في التعامل مع الآخر، والانتباه إلى ما يصدر من أفواهنا من كلمات.
وينبغي علينا ألا نجعلها تخرج كالحجارة تقذف شمالا ويمينا، الأمر الذي يؤدي إلى خدش حياء ومشاعر الآخرين.
ماذا لو أن كل فرد منا تعامل مع الآخر كما يحب هو أن يعامل بالكرم والجود والأصل الطيب الذي تربى عليه.
لذلك من الواجب والضروري أن نحرص على حسن معاملة الآخرين، وألا تجعل معاملة الآخرين لك تجبرك على أن تعاملهم بالمثل فتصبح مثيلاً لهم بل عاملهم بطيب أصل تربيتك واخلاقك حتى وإن لم يستحقوا منك تلك المعاملة. الكلمة الطيبة صدقة، تصلح الأحوال بين المتخاصمين وتجعلهم أحباء لا توجد بينهم ضغائن أو مشاحنات كما أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، الابتسامة تكسب بها المحبة والأخوة وتحقق السلام النفسي، وتنشر الطاقة الإيجابية، ويعم الفرح داخل النفوس علينا بالإحسان والرحمة مع بعضنا البعض، وأن تجبر الخواطر ونتمنى الخير للغير، ونجيب السائل وتساعد المحتاج، فمن منا لا يحتاج إلى يد تمد له تعينه وتدعمه وتشد من أزره في المواقف الصعبة، فالاحتياج ليس بالضرورة أن يكون ماليا أو ماديا فقط، فقد نحتاج إلى نصيحة أو كلمة طيبة أو مشاعر نبيلة، أو سند نتكى عليه ويشعرنا بالأمان. لذلك من الواجب علينا أن نعلم ونغرس في أولادنا حسن معاملة الغير، ونعلي من قيمة التسامح والعفو عن طيب خاطر، ونتعامل بكل بساطة وتواضع. أما عن مقولة المعاملة بالمثل فهي مقولة خاطئة، لا نجني منها سوى البغض والعداوة، لو أنك تعاملت مع كل إنسان بالمثل لأصبحت صورة مشوهة لا تشبه معدنك الطيب وتضم العديد من العيوب خاصة إذا كانت هناك شخصيات تحمل صفات سيئة، أو تشوبها علامات الاستفهام والاستغراب، وتحاول ان تظهر أسوأ ما فينا.
إذا وصلت المعاملة ولغة الحوار إلى هذا الطريق، اعتقد أنك وقعت في خطأ كبير وتحولت إلى صورة طبق الأصل للمعاملات الخاطئة التي ينفر منها الكثيرون والأخلاق الكريمة تعنى مخالفة الناس بالخلق الحسن، والله يقول سبحانه: وقولوا للناس حسنا، لا تكن فظا ولا غليظا ولا كذابا ولا شاهد زور ولا صاحب خصومات بغير حق ولا سيئ الخصومة ولا صاحب أيمان كاذبة، إن خاصمت خاصمت بإحسان، وإن خاطبت خاطبت بإحسان، نفوس البشر كالأراضي، هناك نفوس تربتها طيبة، وأصلها طيب، وكل ما يزرع فيها من بذور ينتج ثمرًا طيبا، ويمتد نفعها إلى ما حولها وهناك نفوس على العكس من ذلك مقفرة، قاحله مجدبة، مهما حاولت إصلاحها لن تفلح، ومهما أمطرتها لن تنتج، لذلك إعرف طينة النفوس حتى تعرف نتاجها. نحن بشكل يومي تلتقي بأشخاص تتمنى لو أننا لم نلتق بهم ولم نعرفهم ولا نتعامل معهم، فهناك أشخاص من شدة الحدار أسلوبهم نتمنى ألا تتعامل معهم ولا نراهم بمحض الصدفة، وعلى النقيض هناك أشخاص نتمنى لقائهم كل يوم، وذلك من طيب أخلاقهم وسمو أنفسهم ورقيهم في التعامل بوجه واحد لا يتلون صادقين في القول والفعل أنقياء النفس سليمي الفؤاد لينين الطباع مأمونين الجانب، كما قال الفرزدق: سهل الخليقة لا تخشى بوادره.
تجد أناس تتعامل مع الآخرين التعامل بالفضل بمعنى تسيء إلى وأنا أحسن إليك ولا أرد لك الإساءة بالإساءة، وهناك من يتعامل معك كما يحب منك أن تعامله، وهناك من يتعامل معك كما يحب الله ويريد، بمعنى أنه يسامحك ويعفو عنك ويغض الطرف عن الإساءة، وهناك من الأشخاص من يتعامل معك كما يريد أن يتعامل الله معها كثر معاناة الناس من الناس وأكثر وجع الناس من الناس، هكذا الناس تتصرف بحسب نفسياتها، وأمزجتها، وأخلاقها، وتربيتها، ليس كل شخص يستحق منك الرد عليه، وليس كل موقف يجب أن تقف عنده وتتخذ موقف الند بالند، يكفي أن تبتسم وترحل المعاملة بالمثل تعنى أنك لا تمتلك شخصية وتعطي مفاتيح اختيار شخصيتك للآخرين، وهذه مشكلة الأفضل المعاملة بشخصيتك أو بأصلك سواء كانت أحسن أو أسوء فليكن قرارك نابعاً من ن شخصيتك لا من شخصية من تعامله وفى قوله سبحانه وتعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلَهَا فَمَنْ عَفا وأصلح فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.
خير الدليل على ذلك وأخيراً رسالة صادقة من القلب أتمنى أن تصل إلى القلوب الصافية عامل الناس بأخلاقك ولا تعاملهم بأخلاقهم ولا ترد الإساءة بالإساءة ، حتى لا تتخلق بأخلاقهم وتصبح واحدا منهم واعلم أنك عندما تعامل الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم ، سوف تصفى نفوسهم ويعودوا إلى صوا رابهم، وتعيد لهم فرصة ة التفكير بأخلاقهم ثم ! إن أحسنت وبذلت المعروف.
فلا تنتظر الثناء والشكر من أحد .. ووطن نفسك على العطاء وعدم الأخذ بل انتظر ثواب الله تعالى وفضله وإحسانه. ولا تقدم رضا الخلق على رضى الخالق عز وجل، بل ارض الخالق على حساب رضاهم … وتذكر دوما بأن رضا الناس غاية لا تدرك . ولم نؤمر به، وأنه سيظل هناك من يكرهك و يحسدك ويتجاهلك مهما فعلت تمسك دائماً بمبادئك الراقية ، وأخلاقك العالية . عند تحاورك مع الآخرين، وترفع عن سفاسف الأمور … ووطن نفسك على أنك ستجد في كل مكان ، من لا يعجبك بعض تصرفاته…
حفظ الله مصر
حما شعبها العظيم وقائدها الحكيم.