يوسف عبداللطيف يكتب: العلمين .. بين فخامة السطح وجوهر الفن الضائع
في الآونة الأخيرة، أصبحت العلمين الجديدة مركزًا لآخر صيحات الفن والجمال والمال، حيث تحولت هذه المدينة الساحلية إلى وجهة جذب للنخبة والمشاهير الباحثين عن البهرجة والتميز. لا يمكنني إلا أن أتساءل، هل أصبحت العلمين واجهة لثقافة سطحية جديدة، أم أنها تمثل امتدادًا لنهج الفخامة والتجديد الذي يشهده العالم؟
العلمين، بما تحمله من مشاريع ضخمة ومنتجعات فاخرة، لم تعد مجرد مدينة سياحية على البحر الأبيض المتوسط، بل تحولت إلى منصة للتباهي بالثروة والمكانة الاجتماعية. الحفلات الموسيقية العالمية، والفعاليات الفنية الراقية، والتصاميم المعمارية المبهرة تجذب الأنظار، لكنها في الوقت نفسه تعكس فجوة متزايدة بين من يستطيعون الوصول إلى هذه العوالم الفاخرة وبين من يعيشون واقعًا مختلفًا تمامًا.
أشعر أن هذه الصيحات تتحدث بلغة مادية بحتة، حيث أصبح الجمال والفن مرتبطين بشكل مباشر بالمال. من المؤكد أن العلمين تقدم صورة ساحرة وجذابة لمن يبحثون عن الترفيه والرفاهية، ولكن هل يُعتبر هذا نوعًا من الفن الحقيقي؟ هل نرى في هذه الفعاليات قيمًا فنية تعكس روح الإبداع والثقافة؟ أم أن الأمر بات مرتبطًا بالعلامات التجارية الفاخرة والملابس المصممة خصيصًا لإبراز المكانة؟
لايمكن إنكار أن العلمين تجذب الآن شخصيات من جميع أنحاء العالم، ولكن هل ما تقدمه المدينة يعكس الجمال الحقيقي؟ الجمال، كما أراه، يجب أن يكون تعبيرًا عن شيء أعمق من مجرد مظاهر زائفة أو ممتلكات فاخرة. الفن في أصوله يتجاوز حدود المال ويُعبّر عن الحياة، المشاعر، والواقع بطرق تجعلنا نفكر ونتأمل. ومع ذلك، يبدو أن الاتجاه السائد اليوم يميل إلى تسليع كل شيء، بما في ذلك الفن والجمال.
العلمين قد تكون رمزًا لهذه “الصيحة الجديدة” التي تحكمها الأضواء، والأزياء الباهظة، والفعاليات الفاخرة، لكنها أيضًا تطرح تساؤلات حول توجهنا كأفراد ومجتمعات نحو تحويل كل شيء إلى سلع قابلة للبيع. حتى اللحظات التي كان يمكن أن تكون عفوية وجميلة، أصبحت الآن مرهونة بالمال والشهرة.
لكن، ربما يكون هذا هو العصر الذي نعيش فيه. عصر البهرجة السطحية، حيث يُقاس الجمال بالمظاهر، والفن بالحفلات الراقية، والمال بالقدرة على الظهور والتألق. العلمين ليست مجرد مدينة، بل هي رمز لهذا التوجه العالمي الجديد، الذي يجعل من الترفيه والمظاهر البراقة معيارًا للنجاح.
أتساءل دائمًا، في ظل كل هذه التقاليع، هل نفقد شيئًا جوهريًا؟ هل نفقد القدرة على الاستمتاع بالجمال في أبسط صوره؟ وهل سنصل يومًا إلى مرحلة نعيد فيها التفكير في قيمة الفن والجمال بعيدًا عن المال؟ العلمين هي ساحة مفتوحة للتأمل في هذه الأسئلة، لكنها قد تكون أيضًا بداية لإعادة تعريف ما يعنيه الجمال والفن في عالم يزداد تعقيدًا.