كُتّاب وآراء

شريف جبر يكتب .. خطورة الزيوت المهدرجة السمن الصناعي

فى عام ١٨٦٩ أجرى الإمبراطور الفرنسى نابليون مسابقة لمن يستطيع تصنيع بديل للزبدة الطبيعية لإطعام الجيش الفرنسى والعائلات الفقيرة فكان هذا الاختراع الفريد الذى سُمىَ بالسمن الصناعي!

وفيه يتم تحويل الزيوت السائلة إلى مادة متماسكة القوام يمكن تخزينها لفترات طويلة وذلك عن طريق تمرير غاز الهيدروجين على الزيت لتحويله إلى دهون مشبعة وهو ما يسمى بهدرجة الزيوت!

ولكن إذا تمت هدرجة الزيوت النباتية بصورة كاملة تتماسك كالحجارة لذا يتم هدرجتها جزئيًا partially hydrogenated مما ينتج عنها السمن الصناعى، أو ما سمى بالسمن النباتى لتصنيعه من الزيوت النباتية.

ولقد اشترت براءة الاختراع المذهل شركة هولندية فى ١٨٧١ لذا سمي بعدها بالسمن الهولندي!

ومرت الأيام لتثبت الأبحاث أن السمن الصناعى المُخلَّق من الزيوت النباتية يحتوى على أخطر أنواع الدهون والمسماة بالدهون المتحولة Trans Fat، وهو أخطر ما يمكن أن تضعه فى فمك، فهو من أهم أسباب جلطات القلب والمخ، فهذا الدهن هو الوحيد الذى حين تتناوله يزيد من نسبة الكولسترول الضار LDL فى دمك فى حين يَخفِض الكوليسترول المفيد HDL.

وابتداءً من يونيه الماضى، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستكون خالية تمامًا من هذا النوع من الدهون القاتلة فى غضون ثلاثة سنوات.

وحاليًا فى مدينَتَى بوسطن ونيويورك يتم إغلاق أى مطعم وتسحب رخصته نهائيًا إذا ثبت طهيه بالسمن الصناعى.

فأين نحن من كل ذلك؟ للأسف فإن سوريا ولبنان ومصر وباكستان أعلى دول العالم فى استهلاك السمن الصناعى القاتل فهذه الدول تستهلك ما يزيد على ٤،٥٪، من سعراتها الحرارية أى ما يعادل حوالى ١٠ جرامات يوميًا.

ومن المعروف علميًا الآن ١-٢ جرام يوميًا يضاعف فرصة الإصابة بجلطات القلب بنسبة تتعدى ٩٠٪. ومنتجات السمن الصناعى تشمل التورَت والكيك والكعك والحلويات الشامية والبطاطس الشيبسى ومعجنات الأطفال ناهيك عن الطهى مباشرة به فى جميع المطاعم وأغلبية المنازل

ولا يمر يوم دون الإعلان عن هذا السمن القاتل وسط الضحكات والسعادة والتلذذ بطعم الأكل المطبوخ به مع المقولة الخالدة «بطعم السمن البلدي» أو «بطعم ونكهة الزبدة الفلاحي» ! والطريف أن تكتب هذه الشركات على علب الصفيح أن سمنها خالٍ من الكوليسترول ؟!

فلا يوجد سمن يحتوى أصلًا على الكوليسترول ولكنه بالتأكيد يرفع الكوليسترول.

لو أن وزارات الصحة كانت تعرف الخطورة وسمحت بهذا الكم من الإعلانات فهذه كارثة.. وإن كانت لا تعلم خطورة هذا السمن فهى كارثة أكثر وبالًا ! والسؤال هل يمكن إنتاج سمن صناعى خالٍ من الدهون المتحولة ؟

الإجابة نعم ممكن ولكن بتكلفة كبيرة تقلل من هامش ربح هذه الشركات، وهذا ما فعلته معظم الدول الأوربية، حيث ألزمت منظمات الصحة بها جميع الشركات بالهدرجة الكاملة، وليست الجزئية للزيوت حتى تتحجر، ثم إعادة تسييلها بإضافة مواد دهنية خاصة وماء وهو ما لم تقم به شركة واحدة فى الوطن العربى لجهلنا المطبق أو لغفلتنا ليبقى السم القاتل فى علب الصفيح المزركشة! وإننى أتقدم بالنصح وذلك لحبى لبلدى وشعبه وحفاظًا على صحتهم بعد أن غاب عنا دور الإعلام الواعى أمام أموال الإعلانات المغرية وغاب من قبله دور وزارات الصحة بعد أن تناولت منومًا شديد المفعول زاد من نعاسها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى