د.داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم»: أرض الصومال وإسرائيل.. اعتراف يهدد وحدة الصومال ويزعزع أمن البحر الأحمر
لماذا يُعدّ أي تقارب إسرائيلي مع أرض الصومال تهديدًا لوحدة الدول وأمن المنطقة؟
في وقت يشهد فيه الإقليم الإفريقي، والبحر الأحمر على وجه الخصوص، مستويات غير مسبوقة من الهشاشة السياسية والأمنية، تبرز أطروحات خطيرة تتعلق باعتراف إسرائيل بـ أرض الصومال، في خطوة لا يمكن قراءتها إلا باعتبارها خروجًا صريحًا على قواعد القانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا لوحدة الدول، واستقرار الإقليم، ومبادئ النظام الدولي ذاته.
إن أرض الصومال، رغم ما حققته من استقرار نسبي داخلي منذ إعلان انفصالها الأحادي عام 1991، تظل إقليمًا غير معترف به دوليًا، وتُعد قانونيًا جزءًا لا يتجزأ من الصومال وفق قرارات الأمم المتحدة وموقف الاتحاد الإفريقي. وعليه، فإن أي اعتراف بها من طرف دولة عضو في الأمم المتحدة لا يمثل مجرد موقف سياسي، بل يشكل سابقة خطيرة تقوّض مبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، وهو أحد الأعمدة الأساسية للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية.
إن مثل هذا الاعتراف لا يعبّر عن دعم “حق تقرير المصير” كما يُروّج له، بل عن تسييس انتقائي لهذا المبدأ، واستخدامه أداة لخدمة مصالح جيوسياسية ضيقة على حساب استقرار دول ومجتمعات بأكملها.
ولا يمكن فصل هذا التوجه عن آثاره الكارثية على وحدة الدولة الصومالية. فالاعتراف بإقليم انفصالي يعني عمليًا:
• تكريس الانقسام السياسي والجغرافي داخل الصومال.
• إضعاف الحكومة الفيدرالية وتقويض أي مسار مستقبلي لإعادة بناء الدولة.
• تشجيع نزعات انفصالية أخرى داخل الصومال وفي دول إفريقية هشة، بما يفتح الباب أمام موجات تفكك جديدة.
إن وحدة الصومال ليست شأنًا داخليًا فحسب، بل عنصر أساسي في استقرار القرن الإفريقي، وأي مساس بها ينعكس سلبًا على الأمن الإقليمي برمته.
تكتسب هذه الخطوة خطورتها المضاعفة من الموقع الجغرافي الحساس لأرض الصومال، المطل على خليج عدن وباب المندب، أحد أهم شرايين التجارة العالمية.
فالتقارب الإسرائيلي مع هذا الإقليم لا يمكن فصله عن سعي واضح لتوسيع النفوذ الأمني والاستخباراتي في البحر الأحمر، وتحويله من ممر ملاحي دولي إلى ساحة تنافس وعسكرة.
إن أي وجود إسرائيلي محتمل في هذه المنطقة:
• يهدد أمن الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة.
• يعمّق الاستقطاب الإقليمي ويزيد من احتمالات الصدام غير المباشر.
• يقوّض فرص بناء منظومة أمن إقليمي مستقلة تقودها الدول المشاطئة نفسها.
ولا يأتي هذا التوجه في فراغ، بل يندرج ضمن نمط أوسع من السياسات القائمة على اختراق البيئات الهشة، وبناء علاقات مع كيانات أو أطراف خارج الإجماع الإقليمي، بما يسمح بإعادة تشكيل موازين القوى وفرض وقائع جديدة على الأرض، دون اكتراث حقيقي باستقرار الدول أو مصالح شعوبها.
إن أي اعتراف إسرائيلي بأرض الصومال لا يمثل خطرًا على الصومال وحده، بل يشكل تهديدًا مباشرًا لمبدأ الدولة الوطنية في إفريقيا، ولأمن البحر الأحمر، وللاستقرار الإقليمي العربي–الإفريقي. والصمت على مثل هذه الخطوات يفتح الباب أمام منطق التفكيك والفوضى، ويضرب أسس النظام الدولي في مقتل.
ومن ثم، فإن المسؤولية تقع على عاتق الدول الإفريقية والعربية، والمنظمات الإقليمية والدولية، لرفض هذه المقاربات الانتهازية، والدفاع عن وحدة الصومال، والتأكيد على أن احترام السيادة ووحدة الأراضي ليس خيارًا سياسيًا، بل خطًا أحمر لا يجوز تجاوزه تحت أي ذريعة.
موضوعات ذات صلة
د/داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم» : العلاقات المصرية السعودية.. جبهة واحدة ضد فتن الإعلام المضلل
د/داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم» : فرحة واحدة جمعت المصريين والكويتيين في افتتاح المتحف المصري الكبير




