سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة تقيم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
القاهرة – أحمد عناني، وكالات
أقامت سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، صباح اليوم الأحد الموافق 21 ديسمبر 2025، احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك في المتحف القومي للحضارة المصرية، بشراكة وتعاون مع المتحف وجمعية أصدقاء متحف الحضارة، تحت رعاية سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية.
وجاء اختيار موقع الاحتفال في رحاب متحف الحضارة بهدف إتاحة فضاء أوسع للمشاركة، وتعظيم الفائدة الثقافية والمعرفية من هذه المناسبة، بما يسهم في تعميم الوعي بأهمية اللغة العربية ودورها الحضاري، ويعزز التواصل مع مختلف فئات المجتمع، ولا سيما الأوساط الأكاديمية والشبابية.
وشهدت الاحتفالية حضور عدد من الشخصيات الرسمية والثقافية، وأصحاب السعادة السفراء العرب المعتمدين لدى جمهورية مصر العربية، إلى جانب نخبة من الأكاديميين والمثقفين والإعلاميين، ومشاركة لافتة من طلاب الجامعات، في تأكيد على البعد التفاعلي والتوعوي للاحتفال.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد السفير عبد الله الرحبي حرص سلطنة عُمان على الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية بما يليق بمكانتها، وبما يعكس اعتزاز الدولة العُمانية وشعبها بدورهم التاريخي في الحضارة العربية الإسلامية، مشيرًا إلى أن عُمان هي بلد الخليل بن أحمد الفراهيدي، أحد أعلام العربية ومؤسسي علم العَروض.
وقال الرحبي إن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء لقيم إنسانية سامية، ووسيلة لحفظ التاريخ الثقافي، وشارة من شارات تأكيد الانتماء والهوية، في مواجهة محاولات إذابة الذات في الآخر. وأضاف أن العربية في وجدان العُمانيين كائن حيّ وتراث مقدّر، لم ينقطع تواصله من جيل الرواد إلى اليوم، وامتد أثره الجغرافي إلى حيث وصلت أقدام العُمانيين، ولا تزال آثارهم اللغوية ماثلة في شرق إفريقيا حتى الآن.
وأكد السفير الرحبي أن اللغة هي الحاملة لتراث المجتمعات وحضاراتها وتاريخها، وأساس بناء مستقبلها ومقوّم هويتها، وأنه لا يمكن لجماعة إنسانية أن تحافظ على حضورها وخصوصيتها إن ضاعت لغتها، معتبرًا أن الاحتفال بهذه المناسبة في رحاب متحف الحضارة هو إعلان عن مركزية دور اللغة في بناء المستقبل، واعتراف بتراثنا العريق، وإقرار بدور العربية في تشييد صرح الحضارة في الماضي، ودورها الحتمي في استعادة مسار الصعود.
من جانبه، أكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أن احتضان المتحف لهذه الاحتفالية، التي جاءت تحت شعار «إرث يتجدد بخط يتألق»، يعكس إيمان المتحف العميق بأهمية اللغة العربية كأحد أهم روافد الهوية والثقافة الإنسانية.
وأوضح أن المتحف القومي للحضارة المصرية يجسد العلاقة الوثيقة بين الحضارة واللغة العربية، من خلال ما يضمه من مقتنيات أثرية تزخر بالنقوش والكتابات والخطوط العربية التي وثّقت مسيرة الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة، ولا سيما في العصر الإسلامي، مؤكدًا أن هذه المقتنيات تعكس كيف كانت اللغة العربية أداة للتعبير الحضاري، وحافظة للمعرفة والهوية، وجسرًا يربط بين الماضي والحاضر.
وشهدت الاحتفالية محاضرة ألقاها الأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، تناول فيها أهمية الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، مؤكدًا أن هذه المناسبة ليست حدثًا عابرًا يُختزل في يوم واحد، بل هي تذكير دائم بمسؤولية أهل اللغة تجاهها.
وأشار الدكتور مدكور إلى الإسهامات الكبرى للغة العربية في بناء الحضارة الإسلامية، ودورها المحوري في ميادين العلم والمعرفة عبر التاريخ، موضحًا أن العربية لغة عريقة ضاربة في القدم، ومع ذلك ما تزال حية وفاعلة، بخلاف لغات كبرى أخرى انحسر وجودها في نطاق الدراسة الأكاديمية، مشددًا على أهمية العناية باللغة العربية في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها.
كما ألقى الأستاذ الدكتور سعيد توفيق، رئيس المجلس الأعلى للثقافة الأسبق وأستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، محاضرة تناول فيها دور اللغة العربية في تشكيل الهوية والحفاظ عليها، محذرًا من محاولات تشويه اللغة وإضعافها من خلال تسطيح العملية التعليمية، وانتشار لغة وسائل التواصل الاجتماعي، والإفراط في استخدام اللغات الأجنبية في التخاطب والأعمال داخل المجتمعات العربية، مؤكدًا أن الحفاظ على اللغة هو حفاظ على الوعي والوجود الحضاري.
وفي مداخلة لافتة، أكدت الدكتورة هبة جمال الدين أن هناك محاولات ممنهجة لتشويه الحضارة العربية والإسلامية عبر السردية الإسرائيلية، التي تسعى إلى التقليل من الدور الحضاري العربي الإسلامي وإسهاماته في تشكيل الحضارة الإنسانية. وحذّرت من خطورة هذه الممارسات، مشيرة إلى ارتباطها بمحاولات إضعاف اللغة العربية، وبترويج مفاهيم تستهدف تمييع الدين الإسلامي واستبداله بما يُسمّى بـ«الديانة الإبراهيمية»، معتبرة أن ذلك يندرج ضمن مشروع يهدف إلى تفتيت المجتمعات الإسلامية والضرب في عمق الهوية.
كما تضمنت الاحتفالية فقرات شعرية قدّمها عدد من الشعراء، مجّدت اللغة العربية وجمالياتها، إلى جانب عروض تناولت فن الخط العربي، شارك فيها عدد من الخطاطين العرب، عكست ثراء هذا الفن وأبعاده الجمالية والروحية.
وفي ختام الاحتفالية، كرّمت سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة عددًا من المشتغلين باللغة العربية تقديرًا لإسهاماتهم في خدمتها ونشرها، كما افتُتح معرض للخط العربي، شاركت فيه السفارة بعدد من اللوحات الفنية والمراسلات التاريخية بين سلاطين عُمان ورؤساء الدول، المكتوبة بالخط العربي، في تجسيد حي لقيمته الحضارية والتاريخية والجمالية ومن المكرمين:جمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية المستشار / محمد شیرین فهمي
والرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصريةالأستاذ الدكتور / الطيب عباس
الأمين العام للمجمع اللغوي الأستاذ الدكتور / عبد الحميد مدكور
الأستاذ الدكتور / سعيد توفيق، أستاذ الفلسفة، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة
مشيخة الازهر /عائلة صوفي زاده



