الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : يا مجيب الدعوات

من فوق «جبل الرحمة» وما حوله من الأرض المنبسطة، هناك في «مشعر عرفة»، حيث الأرض المقدسة، أرض النور والطهارة، ترى الأيدي مرفوعة، نحو السماء متجهة، تدعو رب العزة، والعيون دامعة، والقلوب بالحزن ممتلئة، والنفوس بخالقها متعلقة، وكلها ثقة بأن الساعة آتية، كما ذكر سبحانه في سورة وآية.
ومن بقاع الأرض المترامية، يردد من اشتاق إلى أرض تباركت بالنبوة، وإلى يوم الوقفة العظيمة، يوم تنفذ إلى المقام الأعلى كل دعوة، وما أعظم هذه الدعوة، وما أعظم هذا الجمع لمن تآلفت قلوبهم حول غزة.
دعاء من قلب طاهر، وفي مكان طاهر، من الألوف المؤلفة المتجمعة مع طلوع شمس هذا اليوم وحتى غروبها، والصائمون العابدون في الشرق والشمال والجنوب، ومن غربها، يطلبون الرحمة لأطفال مزقت أجساد إخوانهم، ونساء ثكلت وهن عاجزات عن حماية فلذات أكبادهن، ومن آباء أبت الدمعة السقوط من أعينهم حزناً على من واروهم الثرى من أهل بيوتهم، ومن الذين يقدم لهم الأكل مخلوطاً بدماء إخوتهم، في تلك البقعة الصغيرة بالأرض المباركة المحيطة بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، من دنسه المتوحشون المنفلتون المصابون بالسعار، من تكالبت عليهم قوى الشر، ومن خانهم الذين يسري في عروقهم ذات الدم، وباعوهم بأرخص الأثمان قبل أن يهربوا.
هذا المشهد العظيم الذي تشاهدونه الآن يجمع أمة واحدة، تنادت عندما سمعت النداء الرباني، وهي أمة تكبر ولا تصغر، وتنهض بعد كل كبوة وهي أعظم من السابق، وتقاوم دون كلل، فإن ضاقت السبل، وأعجزتها الحيلة، غادرت الأرض بما عليها، واتجهت نحو الواحد الأحد، رب السماوات والأرض، السميع المجيب، العزيز، المعز لعباده المؤمنين الصالحين، الذي لا يغفل عن الظالم، ولا ينسى المظلوم، وترفع الأيدي، وتلهج الألسن، وتخرج الكلمات نقية طاهرة مغسولة بدموع صادقة، دموع من لا حول لهم ولا قوة.
اقرأ أيضا
الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : العابثون في شوارع باريس