توبكُتّاب وآراء

إبراهيم الدراوي يكتب لـ «30 يوم» : إسرائيل تواجه تمرد السماء .. احتجاج الطيارين يهز نتنياهو ويُربك الجيش

في تطور غير مسبوق شهدت إسرائيل نشر رسالة احتجاج صادرة عن ألف مقاتل من قوات الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو الإسرائيلي، مطالبين بوقف الحرب في غزة فورًا، وإعادة المختطفين إلى ديارهم.

الرسالة التي تحمل توقيع الطيارين وأفراد سلاح الجو، جاءت بعد تصاعد الاحتجاجات داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن استمرار الحرب وما تسببه من آثار إنسانية وصحية على المدنيين، فضلًا عن فقدان الأرواح العسكرية.

الموقّعون على الرسالة، وهم من النخبة العسكرية الإسرائيلية، أكّدوا في بيانهم أن الحرب تخدم «المصالح السياسية والشخصية» ولا تصب في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي.. كما وصفوا استمرار العمليات العسكرية بأنه يؤدي إلى «مزيد من القتل والدمار».

وأشاروا إلى مقتل الرهائن وجنود الجيش الإسرائيلي إلى جانب المدنيين الأبرياء، ما يعكس تحولًا في المزاج العسكري تجاه تصعيد الحرب في غزة، بعد أشهر طويلة من القتال العنيف.

وقد نشرت الرسالة على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية، مسلطةً الضوء على حالة الاستياء المتنامية داخل الجيش، لا سيّما في صفوف جنود الاحتياط المشاركين في العمليات الجوية. كما تضمنت دعوة صريحة إلى الإفراج عن المختطفين وإنهاء الحرب، حتى لو تطلّب الأمر وقف القتال فورًا.

الرد الرسمي لم يتأخر، إذ جاء حادًا من قيادة الجيش. فقد أعلن قائد سلاح الجو، الجنرال تومر بار، بدعم من رئيس الأركان إيال زامير، أن كل مَن وقّع على الرسالة من جنود الاحتياط لن يُسمح له بمواصلة خدمته العسكرية.

وفي الأيام التالية، سُجّل سحب توقيعات بعض الطيارين تحت ضغط المؤسسة العسكرية، التي سعت إلى النأي بالجيش عن المواقف السياسية و«الامتناع عن التورط في الجدل العام المتعلق بالعمليات الجوية».

هذا الرد يعكس مدى الحساسية داخل الجيش الإسرائيلي تجاه أي بوادر احتجاج علني.. ورغم أن الرسالة لم تدعُ إلى التمرد أو رفض الأوامر، فإن استخدام لهجة احتجاجية ضد الحرب داخل السياق العسكري كان له تبعات واسعة النطاق، قد تؤشّر إلى انقسام عميق آخذٍ في التوسع داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

تأتي هذه الرسالة في لحظة شديدة الحساسية من تاريخ إسرائيل السياسي.. وقد سارع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التقليل من أهميتها، واصفًا المحتجّين بأنهم «مجموعة هامشية متطرفة».

تصريحات نتنياهو لم تخلُ من الإشارة إلى سوابق مماثلة، مثل احتجاجات عام 2023 ضد الانقلاب القضائي. لكنه هذه المرة واجه نقدًا علنيًا من شخصيات إعلامية بارزة، من بينها الصحفي الإسرائيلي بن كسبيت، الذي اعتبر تصريحات نتنياهو «مضللة»، متهمًا إياه بأنه السبب الجوهري في تأزّم الأوضاع السياسية والعسكرية، بسبب رفضه إجراء تحقيقات أو الذهاب لانتخابات مبكرة.

احتجاجات وانقسامات

كل المؤشرات تدل على أن الاحتجاجات داخل إسرائيل لن تتوقف قريبًا.. فحالة الجمود العسكري في غزة تتزامن مع تصاعد المطالب الشعبية بإنهاء الحرب وإعادة المختطفين، وهو ما يظهر بوضوح في الشارع الإسرائيلي وداخل المؤسسات العسكرية.

تشير تقارير متواترة إلى تزايد الضغوط النفسية والمعنوية على الجنود، وسط أصوات تطالب بوقف العمليات العسكرية لتحقيق أهداف إنسانية تتقدّم على الحسابات السياسية.

ويبدو أن الانقسامات داخل الجيش الإسرائيلي قد تتحول إلى أزمة هيكلية تمس بنية القرار الأمني، مما يضع الحكومة أمام تحدٍّ وجودي، لا سيّما مع تزايد الغضب الشعبي وتراجع الثقة في القيادة السياسية.

في ظل هذا المشهد المعقّد، قد يجد المجتمع الدولي نفسه مضطرًا إلى لعب دور أكبر في الضغط على إسرائيل من أجل التوصل إلى تسوية تُنهي الحرب وتؤدي إلى إطلاق سراح المختطفين، بما يحفظ ما تبقّى من مصداقية أمام الرأي العام الدولي.

 اقرأ أيضا

إبراهيم الدراوي يكتب : قمة ترامب- نتنياهو .. رئيس حكومة إسرائيل يتجه للتضحية برئيسي الموساد والشاباك للهروب من مأزق صفقة غزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى