كُتّاب وآراء

خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» : ثورة 30 يونيو وثيقة حياة وطن

لم تكن ثورة 30 يونيو 2013 مجرد احتجاج شعبى ضد حكم جماعة سياسية، بل كانت لحظة فاصلة فى تاريخ مصر، أنقذت فيها هذه الثورة العظيمة الدولة من التفكك، والمؤسسات من الانهيار، والهوية الوطنية من الاغتيال، فى وقت كانت فيه بلدان عربية تنهار تحت نفس السيناريو، وتتداعى مؤسساتها لصالح قوى الظلام والفوضى.

فى هذا اليوم خرج ملايين المصريين – وكنت واحداً منهم – إلى كل ميادين الجمهورية، لم يكونوا يطالبون فقط بإسقاط حكم جماعة الإخوان، بل كانوا يدافعون عن وطن كان يُجر إلى مصير مجهول، وعن جيش وطنى كاد يُخترق من الداخل، وعن ثقافة وهوية وتاريخ كانت تحاول قوى ظلامية استبدالها بمفاهيم عابرة للوطن والحدود.

ربما لم يرَ كثيرون الصورة الحقيقية فى ذلك الوقت ولكن الآن وبعد أن رأينا تداعيات المخططات على دول عربية شقيقة سيدركون حقيقة أنه لو لم تقع ثورة 30 يونيو، لكانت مصر اليوم فى نفس مسار سوريا أو ليبيا. نموذج الدولة التى تهاوت مؤسساتها، وتشظى جيشها، وتقسمت أرضها. ففى سوريا، أدّى ضعف الدولة إلى فتح الحدود أمام كل أشكال التدخلات الدولية، فاستباحت إسرائيل أجواءها مرات، واحتلت تركيا أجزاء من الشمال، وسيطرت إيران وروسيا على القرار السياسى، وبقى الشعب يدفع الثمن من دمه وكرامته.

الجيش السورى الذى كان يوماً رمز القوة، انهار بفعل الانقسام والتفكك، ولم يعد قادراً على حماية السيادة، بل أصبح طرفاً فى معركة معقدة لا نصر فيها لأحد.

ثورة 30 يونيو ليست فقط ذكرى سياسية، بل وثيقة حياة لوطن أنقذ نفسه قبل السقوط، ثورة 30 يونيو أعادت ضبط بوصلة الوطن. استعادت مؤسسات الدولة دورها، وعادت القوات المسلحة لتحمى الأرض لا لتُوظف لصالح جماعة، واستعاد المصريون ثقتهم بأنفسهم. عاد الأمن، وبدأت الدولة معركة البناء بعد أن نجت من الوقوع فى مستنقع الفوضى.

ومع عودة الهوية المصرية الأصيلة – المنفتحة، المعتدلة، الرافضة للتطرف – عادت مصر إلى دورها العربى والإقليمى، كصمام أمان، وبيت خبرة سياسى فى محيط يتآكل من أطرافه.

التحام الشعب بالجيش فى 30 يونيو كان أحد أعظم مشاهد التاريخ المصرى الحديث، حين انحازت القوات المسلحة لإرادة الجماهير، ووقفت فى صف الوطن، لا الجماعة. لم تطلق رصاصة ضد الشعب، بل حمت الشوارع والميادين، وكانت الضامن لمرحلة انتقالية خرجت بمصر من النفق المظلم إلى دولة مستقرة وقوية.

حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كيد الأشرار، وعاشت مصر حرة مستقلة.

Khalededrees2020@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى