سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : الإيجارات القديمة .. لماذا الاستعجال ؟ « 6 »

يبدو أن الحكومة مصرة على وضع ألغام فى قانون الإيجارات القديمة بتقديمها تعديلات جديدة قبل يومين (16 يونيو 2025) لا تلبى رغبات وطموحات طرفى العقد (الملاك والمستأجرون) على مشروع القانون السابق تقديمه قبل نحو شهرين (٢٨/ ٤/ ٢٠٢٥) إلى مجلس النواب.
ويرى كثيرون أن هذه التعديلات الحديثة والسريعة التى أحالها المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس المجلس إلى لجنة مشتركة من الإسكان ومكتبى لجنتى الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية، لا تحقق التوازن الكامل بين مصلحة الطرفين، وأن الحكومة كعادتها استسهلت الأمربصياغة سريعة لمشروع قانون وطلبت إقراره قبل فض الدورة البرلمانية الحالية.
وأنا أتفق مع هذه الرؤية؛ قالحكومة بهذا الإستعجال ستعجز مجددًا عن حل أزمة افتعلتها، ولن تستطيع علاج التشوهات والثغرات التى صاحبت التعديلات الأولى التى تعرضت لانتقادات شديدة، ولم يقتنع بها الرئيس السيسى، وطلب تعديلها لتلامس الواقع المعاش للمصريين دون انحياز لفئة على حساب أخرى.
فمن نافذة امتصاص حالة الخوف والغضب الشعبى الجماهيرى الذى يسيطر على ملايين المستأجرين، أجرت الحكومة تعديلًا بسيطًا على مدة الفترة الانتقالية فجعلتها (7 سنوات ) للسكنى بدلًا من خمس، و(٥ سنوات) للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى (التجارى والخدمى)، وإلزام المستأجر بإخلاء المكان ورده إلى صاحبه بانتهاء الفترة الانتقالية، وتوفير سكن بديل فى إسكان الحكومة لمن يخرج، مع النص صراحة على إلغاء كل قوانين الإيجار القديم بعد انتهاء هذه الفترة الانتقالية.
وصنفت التعديلات مناطق الوحدات إلى متميزة ومتوسطة واقتصادية، وجعلت القيمة الإيجارية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى فى المناطق المتميزة (عشرين مثل) القيمة الإيجارية الحالية وبحد أدنى (١٠٠٠ جنيه)، و(عشرة أمثال) القيمة لوحدات المنطقتين المتوسطة والاقتصادية وبحد أدنى (٤٠٠ جنيه) فى المناطق المتوسطة، و250 جنيهًا للمناطق الأخرى.
وشملت التعديلات زيادة القيمة الإيجارية لغير السكنى (٥ أمثال)، على أن يتم تحريك القيمة فى النوعين السكنى والتجارى 15 % سنويًا حتى إخلاء الوحدة قانونًا.
وتجاهلت التعديلات المعدلة إعتراضات الملاك، كونهم لم يقتنعوا أصلًا بمدة الخمس سنوات الأولى، وكانوا يطالبون بخفضها إلى ثلاث سنوات، وإذا بالحكومة تضيف إليها عامين، كما تجاهلت رغبة المستأجرين فى خفض القيمة الإيجارية وزيادة المدة الانتقالية للوحدات المؤجرة لغرض السكن إلى عشر سنوات وكما قال ممثل الملاك فى المناقشات «تحملنا قهر 40 سنة، لماذا نتحمل سنوات إضافية»، مطالبًا بأن تكون المدة الانتقالية للتجارى سنة واحدة.
ويخشى عدد كبير من المستاجرين من فساد لجان الحصر التى تقرر تشكيلها بالأحياء والمحافظات، طالما لا توجد معاير وشروط وضوابط صارمة لا ترتهن لأهواء هذه اللجان، التى غالبًا ما تخضع للمحسوبية والرشاوى والمجاملات.
ويؤكد المستأجرون الذين أرسلوا لى: إنه من الصعب جدًا أن تنتهى هذه اللجان من عملها خلال 3 أشهر فقط، فهذه المدة لا تكفى لحصر وفحص وتقدير القيمة الإيجارية لملايين الوحدات التى ستخضع لتصنيف جديد تمامًا على موظفى الإدارة المحلية والجهات الأخرى المعاونة من حيث الموقع الجغرافى ومستوى البناء والمرافق المتصلة بالعقار وشبكة الطرق ووسائل المواصلات والخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية.
كنت أتمنى من الحكومة عدم الاستعجال، وإرجاء هذا القانون لدورة أخرى مع المجلس الجديد لتجنب تعديل القانون للمرة الثالثة، خاصة أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية غير مواتية لمثل هذه القوانين التى قد تهدد السلم الاجتماعى، وتزيد من حدة الإحتقان بين طبقات المجتمع، ولا سيما وأن بالقاهرة وحدها نحو 100 ألف شقة مؤجرة بنظام الإيجار القديم مهددة بالإخلاء وإعادتها إلى مالكيها، من بينها 32 ألف شقة مغلقة، و78 ألف شقة يمتلك مستأجروها سكنًا آخر…
الوضع لا يزال شائكًا.. فللملاك حق والمستأجرين أيضًا.. ولإنصاف الطرفين يجب منح الشعب إقرار قانون متكامل لا يتم تعديله كل دورة؟!
وللحديث بقية
Samysabry19@gmail.com