توبكُتّاب وآراء

الإعلامي خالد سالم يكتب لـ «30 يوم» : هرم السيسي وغليان الكيان

في لحظة تاريخية فارقة، يشهد العالم ميلاد معلم حضاري جديد يضاف إلى سجل مصر العريق، إنه المتحف المصري الكبير، أو كما بات يُعرف شعبياً بـ”هرم السيسي”، هذا الصرح الذي لم يكن مجرد مبنى يحتضن آثار الأجداد، بل هو رسالة قوية للعالم أجمع: مصر عادت لتستعيد مكانتها كقلب نابض للمنطقة وحاضنة للحضارة الإنسانية.

غضب الكيان.. حسد أم خوف؟

لم يكن مستغرباً أن تنشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية مقالاً يقطر حسرة وألماً على افتتاح المتحف المصري الكبير. فالكيان الذي اعتاد أن يصدّر نفسه كقوة إقليمية وحيدة، وجد نفسه أمام مصر التي تنهض بقوتها الناعمة، قوة الحضارة والثقافة والتاريخ الممتد لسبعة آلاف عام.

الصحيفة الإسرائيلية لم تخفِ انزعاجها من الزخم العالمي الذي رافق الافتتاح، ومن تدفق السياح والإعلاميين من كل أنحاء المعمورة إلى القاهرة. إنه الغليان الذي أصاب الكيان عندما أدرك أن القوة الحقيقية لا تُقاس بالسلاح فقط، بل بالحضارة والإرث والتأثير الثقافي.

القوة الناعمة المصرية.. سلاح المستقبل

ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصراره على إتمام هذا المشروع الضخم رغم كل التحديات الاقتصادية والإقليمية، هو استثمار استراتيجي في القوة الناعمة لمصر. المتحف المصري الكبير ليس مجرد متحف، بل هو منصة دبلوماسية، ومركز ثقافي عالمي، وأداة لتعزيز المكانة المصرية في العالم.

حين يقف الزائر أمام كنوز توت عنخ آمون الكاملة للمرة الأولى في التاريخ، وحين يشاهد المسلة المعلقة والدرج العظيم المطل على الأهرامات، فإنه لا يشاهد آثاراً فحسب، بل يشهد على عظمة أمة رفضت أن تُدفن تحت ركام التحديات، وأصرّت على أن تقول للعالم: نحن هنا، وسنبقى.

هرم السيسي.. الهرم الرابع

أطلق المصريون بعفوية وفخر اسم “هرم السيسي” على هذا الصرح العملاق، تقديراً لإصرار القيادة السياسية على إنجازه. وليس في هذا التسمية مبالغة، فالمتحف يضاهي الأهرامات من حيث الضخامة المعمارية والقيمة الحضارية، ويمثل إضافة نوعية للإرث المصري.

إنه الهرم الرابع الذي يحكي قصة مصر الحديثة، مصر التي تبني مستقبلها دون أن تنسى ماضيها، مصر التي تتحدث لغة الحضارة في عصر يسوده الصراع والفوضى.

في مشهد له دلالات سياسية عميقة، لم توجه مصر أي دعوة لأي مسؤول من الكيان الصهيوني لحضور هذا الحدث العالمي. بينما كان حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ممثلاً للدولة الفلسطينية في الصفوف الأمامية، رسالة واضحة لا لبس فيها: مصر تعرف جيداً من هم أصدقاؤها ومن هم أعداء الأمة.

الحضور الفلسطيني الرسمي في هذا الاحتفال الحضاري العالمي، مقابل الغياب الكامل لممثلي الكيان، يؤكد أن مصر لم تنسَ القضية الفلسطينية رغم كل محاولات التطبيع والتمييع. إنها رسالة دبلوماسية بليغة مفادها: الحضارة للشعوب الأصيلة، أما الاحتلال فلا مكان له في محافل الثقافة والإنسانية.

هذا الموقف المصري الثابت أضاف لغليان الكيان غليانًا آخر، فالصهاينة الذين يحلمون بتكريس وجودهم في المنطقة، يجدون أن مصر ترفض حتى أن تشركهم في لحظاتها الحضارية المضيئة.

إن إصرار الرئيس السيسي على تعزيز دور مصر المحوري في المنطقة لا يتوقف عند المتحف الكبير. إنه مشروع شامل يضم العاصمة الإدارية الجديدة، وشبكة الطرق والكباري، ومشروعات التنمية الزراعية والصناعية، وتطوير القوات المسلحة، وكلها تصب في هدف واحد: إعادة مصر إلى مركزها الطبيعي كقائد للمنطقة.

هذه المركزية تزعج الكيان الصهيوني، الذي كان يراهن على ضعف مصر واستمرار انشغالها بمشاكلها الداخلية. لكن مصر السيسي أثبتت أنها قادرة على إدارة ملفاتها الداخلية والخارجية بكفاءة، وأنها لاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه.

ليس غريباً أن يغلي الكيان حسداً وغيظاً. فمن يملك سبعة آلاف عام من الحضارة، لا يمكن أن يقلق من كيان عمره لا يتجاوز بضعة عقود، مبني على الاغتصاب والتشريد. مصر كانت ولا تزال وستبقى المنارة التي يهتدي بها العرب والعالم.

هرم السيسي ليس مجرد بناء، إنه رسالة: مصر قد عادت.

والتاريخ شاهد…

كاتب المقال : خالد سالم – إعلامي .. نائب الامين العام لاتحاد الإعلاميين الأفريقي الأسيوي

 اقرأ أيضا

الإعلامي خالد سالم يكتب لـ «30 يوم» : الالتفاف حول مصريتنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى