سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : الايجارات القديمة والإشتراكية العمياء (1)

لا حديث الآن فى الشارع المصرى إلا عن القانون الجديد للإيجارات القديمة (سكنى وتجارى )، الكل يسأل … مع من تقف الدولة، مع المالك أم المستأجر؟ ومن سينتصر فى النهاية البرلمان أم الحكومة ؟ الشعب ولا نواب أخذ اللقطة ؟ الفقراء محدودو الدخل أم الذين يملكون الهواء ؟ العجوز الذى على المعاش وليس له ماوى آخر؟ أم إبن المالك الذى لا يجد شقة يتزوج بها وهو يرث عقارا متعدد الطوابق عائده لا يعادل وجبة فول وطعمية ؟ ولا يستطيع إخراج أىمستأجرمحصن بقانون قديم لم يعد يواكب ظروف العصر ولا معدلات التضخم ولا الحالة الإقتصادية للبلاد؟
مصر كلها الآن فى مازق خطير يهدد السلام والأمن الإجتماعى بسبب أخطاء الإشتراكية المستأسدة العمياء ، تبصر بعين واحدة ولا تشعر إلا بمصالح فئة معينة على حساب أصحاب الملكيات الخاصة التى كفلتها كل الدساتير .
وبداية أوضح إننى لست راسماليا ولا ناصريا ، ولست مع طرف ضد أخر، لأنه لا خاسر ولا فائز فى معركة المتضررالأول فيها الشعب ، ملاك ومستأجرين ، صاحب أووارثالعقارأوالشقة او المحل ،وكذا المستأجر الذى لا تمكنه ظروفه المالية والإجتماعية من الخروج واطمأن مع طول السنين أن المكان أصبح بحكم الواقع المعاش ملكا له ولأبنائه وأحفاده حتى تقوم الساعة ، وجاء ورثته وأغلقوا المكان ورفضوا الخروج إلا بتعويضهم بشقق فاخرة او ماقبل مادى كبير، بحجة ان أباءهم وأجدادهم دفعوا ( خلوات ) وأنفقوا الكثير على الشقة التى أهملها المالك سنوات قبل أن يستفيق ويطالبهم فجأة بالخروج .
إننا أمام حالة متشابكة ومعقده ، سببها قانون جائر أفرزته قوانين سابقة لظروف الحروب التى عاشتها مصرمنذ الحرب العالمية الأولى فالثانية، مرورا بثورة 1952 والعهد الناصرى والتبعات الإقتصاديةوالإجتماعية السيئة لنكسة 1967 ، وما خلفته من إنكسار فرض على الحكومة أن تنحازمجبرة لأصحاب الدخل المحدود وتضغط على أصحاب الأملاك باستثناءات قانونية فرضتها ظروف محددة ، ولكنها للأسف إستمرت ولم تجرؤ الحكومات المتعاقبة على إعادة الشىء لأصله ولم تعمل على إعادة تصحيح المسار، إبتلعت الصمت ، وفضلت ( الطناش ) ، وكانت النتيجة هذا الموقف الذى لا تحسد عليه حكومة الدكتور مصطفى مدبولى وبرلمان حنفىالجبالى ومؤسسات الدولة المعنية بأزمة ندعوالله أن تمر بسلام .
واعتقد أن الوضع كان سيستمر على ما كان عليه من ظلم للملاك وورثتهم ، لولا أن صدر حكم المحكمة الدستورية في ٩ نوفمبر ٢٠٢٤ والقاضى بعدم دستورية الفقرة الأولى فى المادتين (١) و (٢) من القانون رقم (١٣٦) لسنة ١٩٨١.
وحرصا على السلام الإجتماعى، لم تلزم المحكمة المشرع بإيجار محدد ولم تأمر بطرد المستأجر، إلا إنها تركت الباب مفتوحا للتراضى بين الطرفين بشرط تحقيق التوازن الإجتماعى ، وطالبت الحكومة بسرعة التعديل، وأمهلتها مدة معينة لتقديم مشروع متوازن يحقق مصلحة الطرفين ، لأنه من غير المنطقى ولا من العدل أن يستمر الإيجار بقيمة واحدة أو مدة واحدة لجميع الحالات، فهذا التعميم يظلم المالك والمستأجر معًا.
وتجنبا لحدوث حالة من الفوضى القانونية والدستورية أسرعت الحكومة وقدماتمشروعا لتعديل قانون الإيجارات القديمة ، شملت التعديلات القوانين السابقة وخاصة رقمي 4 لسنة 1996 و49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 .
وللأسف الشديد ، ونتيجة للسرعة والضغوط جاء القانون (مسلوقا) غير مكتمل ، لم تتم دراسته بشكل جيد من كافة الجهات والوزارات المعنية ، فأثار الجدل والكثيرمن علامات الإستفهام ، وحمل معه أدوات كفنه وموته ، وشعر الجميع بانحيازه لطرف على حساب الآخر .
وللحديث بقية إن شاء الله …
Samysabry19@gmail.com