الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : الفكر الإعلامي .. ضحية لسان ( جراشة ) !

في سنوات خلت ومن خلال مراحل العمل الإعلامي والرياضي مررت بمحطات متنوعة مختلفة الاتجاهات مع من تولوا مناصب خدمة عامة او وظيفية تخص الرياضة والشباب تحديدا .. اكثرهم كانوا في البدايات يتحدث عن أهمية الاعلام ودوره حتى نشعر بالغبطة ونتامل خيرا .. على أساس ان المسؤول الجديد يعي – فعلا – فلسفة الاعلام ويسعى لتصحيح مسارها على صعيد الممارسة الإعلامية بعيدا عن المفهوم الضيق السائد .. باعتبار الاعلام ملف قيادي صانع للحدث وشريك أساسي للتخطيط والتنفيذ لمستقبل المؤسسة ونجاحها وديمومتها .
وقد عايشت تجارب مع شخصيات محترمة بنوايا صادقة وحس وطني للمضي قدما بذلك في بداية عملهم .. لكن بعد فترة قصيرة وما ان يعتقد – المسؤول – انه تعرف على بعض مصطلحات الاعلام وبعض اسماء لشخصيات الرياضية والإعلامية داخليا وخارجيا حتى يبدا يخفت عنده ذلك النزق الثوري الذي صرح به وتمناه ورفعه سابقا .. معتقدا انه ادرك كل اسرار الاعلام سيما اذا ما وقع تحت طائلة ( جراش او جراشة اي كثير الكلام والتملق والكذب المرتب دون اعلمية تذكر ) .. مما ينسوه كل شيء ويزينوا له أشياء أخرى لا يظهر نقصها ولا يحس به الا بعد فوات الاوان وانتهاء مدة وظيفته ليركن جنبا على جنب مع بقية الملفات الفاشلة التي تزدحم بها رفوف الأرشيف .
التقيت مرة بأحد المسؤولين لتقديم مشورة ونصائح مهنية ما وقد حضر شخص كلف بتحرير محاور اللقاء بيننا وقد توقعت ان يحوله الى منهج عمل يرتقي الى تلك الثورية والافكار التقديمة التي تحدث بها المسؤول قبل واثناء اللقاء .. المفاجئة كانت مدوية حينما ظهر هذا الشخص بضعف وهشاشة عجيبة غريبة تدل على حال الاعلام الوظيفي ..
فسالت المسؤول : هل لديكم مكتب اعلامي .. وهل تعون معنى المفردة ومن يشغلها وما هي واجبته والامال المعقودة عليه .. فضحك المسؤول .. قائلا : ( اكيد لدينا ما ذهبت اليه .. ثم اخذ يعدد الموظفين ويوزع وينوع ادوارهم وواجباتهم ) ..!
ضحكت حد البكاء .. من شر بلية المعرفة وادعاء المعرفة .. فقلت له يا سيادة المسؤول : ( سيبقى ملف الاعلام ميت ومجرد حبر على ورق ما دام المسؤول لا يفرق بين الفكر الإعلامي وموظف الاعلام .. فالموظف شخص يؤدي واجباته التقليدية منتظرا راتبه الشهري يقضي أيامه بانتظار علاوة ومكافئة وترقية .. على امل التقاعد الوظيفي الذي يعد هدف رئيسي للغالبية العظمى من موظفي الدول العربية … اما واجباته التقليدية : فلا تخرج عن تصوير ونشر اخبار الرئيس والأشخاص المتنفذين وإبراز فعالياتهم ونشاطاتهم بأسلوب خبري يرضي عنه الرئيس ولا يصب بمصلحة المؤسسة استراتيجيا … فضلا عن كون أي مدون ( فيس بوكي) قادر على تادية ذات الدور ..
اما المفكر الإعلامي فمختلف كليا وجوهريا : هو ذلك الفكر الاستشاري الذي يضم مفكري الاعلام المتخصصين بمختلف ملفات الحياة العصرية ويكون شريك أساسي برسم سياسات المؤسسة ويعد اهم أدوات تنفيذها ببعدها الاستراتيجي .. وان اغلب عمل المكتب الإعلامي وفقا لهذه الرؤية يجب ان يكون سريا بعيدا عن تناول الاعلام او ادعياء الاعلام و بقية أعضاء المؤسسة وموظفيها التقليديون ..