توبكُتّاب وآراء

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : الرئيس المحبط

الغضب والاندفاع دون تريث وتفكير موضوعى يدفعان نحو أخطاء كارثية خاصة إذا كان القائد يقود أمة أو دولة بحجم أمريكا.

وتتضاعف الكوارث مع قائد متهور ومتقلب المزاج وحوله عشاق المناصب والنفوذ أمام شطحات الزعيم فتصبح حاشيته أكثر وبالًا وكارثية.

ترامب يمر بمرحلة من القلق والإحباط خوفا من عدم الوصول لاتفاق بين روسيا وأوكرانيا من ناحية، وفشل حملته العسكرية على الحوثيين اليمنيين بعد لومه للرئيس السابق جو بايدن، موجها جيش بلاده فى 15 مارس، لشن هجوم كبير للقضاء على الحوثيين تماما.

ورغم الضربات المكثفة وقدوم حاملة طائرات جديدة ما زالت الصواريخ تضرب السفن بالبحر ومدنا إسرائيلية بصرف النظر عن تأثيرها، فالهدف ليس خسائر فى الأرواح والمنشآت بقدر التأثير المعنوى المتمثل فى وقف حركة الملاحة الجوية بمطار بن جوريون ودخول الملايين من الإسرائيليين للملاجئ وتأثيره على الاقتصاد المتراجع بسبب حروب فى جبهات زادت عن العام والنصف.

وزاد من حجم الإحباط أن الضغوط على إيران من دون تأثير وتواجه بقوة وآخرها ما أكده مستشار المرشد الإيرانى، على لاريجانى، من أن طهران لا تسعى لسلاح نووى، ولكن لن يكون أمامها خيار سوى القيام بذلك فى حال تعرضها لهجوم.

ورهان ترامب الخاسر على زيادة التصعيد مع الحوثيين لأن الضربات الجوية مهما كانت قوتها لها سقف فى حسم المعارك مع غياب القوات البرية لتطهير المناطق التى يختبئ فيها الحوثيون.

ورغم تفوق الطيران السعودى والإماراتى وقوات التحالف لسنوات ودك حصون الحوثيين فإنهم احتفظوا بقوتهم متحصنين بالأراضى اليمنية الصعبة وضعف الآلة الحربية «بريا» للحكومة الشرعية اليمنية.

والضربات الأمريكية قد تستمرعاما وثلاثة ولا تحسم معركة للتحصينات الجبلية الوعرة والتلال والهضاب التى تصعب من مهمة القوات البرية.

وأكسبت المعارك الطويلة للتحالف، الحوثيين خبرة الاختباء والتمويه والخداع مع صعوبة تجنيد جواسيس ميدانيا لصالح أمريكا أو إسرائيل مقارنة ببيئة حزب الله.

وخبرة الحوثى فى إدارة المعارك وتوجيه الصواريخ والمسيرات فى وقت ما لفرض اليأس والإحباط على الأمريكيين والإسرائيليين.

والحوثى يملك القدرة على استعادة قوته من صواريخ وطائرات مسيرة إيرانية بحكم خبرة التصنيع لديه، وضعف الرقابة على الطرق برا وبحرا ما يزيد من أهمية قطع خطوط الاتصال ولن يتأتى دون حسم المعركة برا.

ويُصعب من المهمة على ترامب وجود انقسام فى الإدارة الأمريكية، الأول يمثله نائبه دى فانس ومستشاره ستيفن ميلر، ويحذران من التورط العسكرى فى الشرق الأوسط، ورؤيتهما أن حماية طرق التجارة الدولية، مثل قناة السويس، تخدم المصالح الأوروبية أكثر من الأمريكية، ويقود وزير الدفاع بيت هيجسيث المعسكر الآخر، الداعى لمواجهة الحوثيين الحاسمة، لحماية المصالح الأمريكية وإسرائيل، ما يدفع ترامب إلى حسم المعركة سريعا قبل زيادة هوة الانقسام ولذا يجدد دوما بأن وقف الهجمات مشروط بعدم ضرب سفن أمريكية أو مدن إسرائيلية!

مشكلة أمريكا الرغبة فى عدم القضاء على الحوثيين لابتزاز العرب والخليج، ولو النية سليمة فى القضاء عليهم كحركة إرهابية -من وجه نظر ترامب- لتم دعم القوات الشرعية بأسلحة متطورة للقضاء على الحركة وعودة الشرعية، لكن الهدف الأمريكى أكبر من الخطر الحوثى!

 اقرأ أيضا

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : سيارة مغربية جديدة كل دقيقة!

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم»: صمت ونطق حقًّا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى