سماحة سليمان تكتب لـ «30 يوم» : جروحي جزء من تاريخي … لكنها ليست كل الحكاية

كل إنسان يخرج من معاركه بآثار على جسده وروحه. أحيانًا تكون هذه الآثار واضحة مثل الندبات، وأحيانًا تبقى خفية لا يراها أحد. كثيرًا ما ننظر إلى ندوبنا كأنها دليل ضعف، بينما الحقيقة أنها أكبر شاهد على قوة لم نستشعرها وقت الألم.
“الندبة لا تعني ضعفًا، بل تعني أن الجرح التأم.”
الندبة تعني أن الجرح التأم.. هي شهادة أنك قاومت، أنك نزفت وتألمت، لكنك لم تستسلم.
الاستسلام كان الطريق الأسهل، لكنه لم يكن خيارك. لذلك فإن ندباتك ليست عنوانًا للهزيمة، بل وسامًا للنجاة والانتصار.
“لا تجعل صدمتك بطاقة هويتك.”
لكن المشكلة تبدأ حين تتحول الصدمة إلى هوية.. حين يصبح الألم هو البطاقة التعريفية التي نقدمها للعالم: “أنا مجروح”، “أنا ضحية”.
وهنا نختصر أنفسنا في فصل واحد من كتابنا الطويل. ننسى أن لدينا صفحات مليئة بالقوة، بالمرونة، بالأحلام التي ما زالت تنتظر أن تتحقق.
“الألم فصل من القصة… لكنه ليس القصة كلها.”
الألم فصل من القصة، لكنه ليس القصة كلها. نحن لسنا متحفًا للجروح، بل مكتبة مليئة بالروايات: قصص حب، مجلدات نجاح، تجارب فشل، وفصل عن الجروح التي عبرناها. فإذا سمحنا للآخرين أن يفتحوا كتابنا على فصل واحد فقط، نظلم أنفسنا ونسمح للألم أن يختصر هويتنا.
“أنا حزين اليوم، لكنني لست الحزن نفسه.”
الفصل بين “تاريخنا” و”حاضرنا” يبدأ بالوعي.. أن تقول: “أنا حزين اليوم، لكنني لست الحزن نفسه”. “أنا قلق، لكن القلق لا يعرّفني”.
المشكلة موجودة، نعم، لكنها لا تختصر شخصيتنا. نحن الذين نمتلك الحلول، ولسنا عالقين في انتظار من ينقذنا من الخارج.
“أنت الكاتب، لا شخصية ثانوية في دراما الألم.”
الوعي يمنحنا القدرة على إعادة كتابة قصتنا. حين تقول: “جروحي جزء من تاريخي”، فأنت تنزع الألم من مركز الحكاية وتضعه في مكانه الصحيح: فصل من الفصول، لا أكثر..أنت الكاتب، لا شخصية ثانوية في دراما الألم.
“الشفاء ليس أن تنسى… بل أن تتذكر دون أن تتألم.”
الشفاء لا يعني نسيان الوجع، بل أن نتذكره دون أن يؤلمنا كما كان. أن ننظر إلى الندبة ونبتسم: “مررت من هنا، قاومت هنا، وتعلمت هنا”.. وهذا بحد ذاته أعظم شهادة على القوة.
“ندوبك لا تعرّفك… لكنها تذكّرك بقدرتك على الصمود.”
لذلك، لا تخف من ندوبك ولا تحاول إخفاءها. هي لا تعرّفك لكنها تذكّرك بقدرتك على الصمود.. دعها تكون علامة قوة لا عنوان ضعف.. واعلم أن قيمتك لا تُقاس بعدد الطعنات التي أصابتك، بل بقدرتك على النهوض بعد كل طعنة.
“قصتك أكبر من جروحك.”
في النهاية، قصتك أكبر من جروحك.. لا تسمح لأحد أن يلخصك في وجعك، لأنك أكثر من ذلك بكثير. أنت الكاتب، وأنت البطل، وكل فصول الكتاب ملكك أنت.