خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» :إحياء قصور الثقافة

تابعت من كثب تصريحات اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة عن الوضع القائم داخل بيوت الثقافة، والتخلى عن بعض المكتبات والمقار التى لا تقوم بدورها ولا تقدم خدمات ثقافية حقيقية، والتى أثارت جدلًا فى الوسط الثقافى وعلى السوشيال ميديا.
أعجبنى كلام اللواء اللبان خاصة صراحته التى تعكس قدرة الرجل على مواجهة الأزمة والتعامل معها، وصورته كمسئول رفض أن يضع رأسه فى الرمال ويقضى مدته كمن سبقه، قال اللبان إن هناك بيتًا من تلك البيوت تبلغ مساحته 40 مترًا ويعمل فيه 87 موظفًا، وآخر تبلغ مساحته 9 أمتار فقط، واصفًا الوضع بأنه غير مقبول.
وقال رئيس هيئة قصور الثقافة إنه يوجد 45 بيتًا من بين تلك البيوت التى يبلغ عددها 120 بيتًا تم تأجيرها بالصفة الاعتبارية من جهات أخرى، وإنه فى كل الأحوال يجب تسليم تلك المواقع إلى ملاكها قبل عام 2027 طبقًا لمدة المهلة والتى تبلغ 5 سنوات طبقًا للقانون.
الحقيقة أن قصور الثقافة تقاعست عن القيام بالدور الذى أنشئت من أجله وهو المشاركة فى رفع المستوى الثقافى وتوجيه الوعى القومى للجماهير فى مجالات السينما والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية والفنون التشكيلية.
لا شك أن قصور الثقافة فى مصر تعد من أبرز المؤسسات التى تهدف إلى نشر الوعى الثقافى وتعزيز الهوية الوطنية. وكان الهدف من إنشائها أن تصبح منارات ثقافية وفنية فى ربوع مصر، إلا أن هذه القصور واجهت تحديات متعددة أدت إلى تراجع دورها فى السنوات الأخيرة.
فى يقينى أن على رأس هذه التحديات ضعف التمويل، فالتقارير تشير إلى أن 92.5% من ميزانية الهيئة العامة لقصور الثقافة تنفق على الرواتب، ما يترك نسبة ضئيلة للأنشطة الثقافية والفنية، وبالطبع يؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة.
بالإضافة إلى تدهور البنية التحتية حيث تعانى العديد من القصور من الإهمال والتقادم، كما أن بعضها عبارة عن شقق سكنية صغيرة لا تتناسب مع الأنشطة الثقافية، ما يقلل من جاذبيتها للجمهور.
وكذلك هناك نقص فى الكوادر المؤهلة التى تدير هذه القصور، حيث يفتقر العديد من العاملين فى هذه القصور إلى التدريب والتأهيل اللازمين، وأضحوا يمارسون عملهم بصورة روتينية كموظفين حكوميين فقدوا شغفهم بالتطوير والإبداع ما ينعكس على جودة الأنشطة والفعاليات المقدمة.
ومن التحديات المطلوب القضاء عليها مركزية الإدارة، حيث تؤدى المركزية فى اتخاذ القرارات إلى بطء فى تنفيذ البرامج والأنشطة، وتحد من قدرة الفروع المحلية على تلبية احتياجات مجتمعاتها.
وكذلك هناك ضعف شديد فى التفاعل مع الشباب، حيث إن الأنشطة المقدمة لا تجذب الفئات الشبابية، ما يؤدى إلى عزوفهم عن المشاركة والتفاعل مع هذه المؤسسات.
ولذلك أطالب الحكومة ممثلة فى وزير الثقافة التى تتبعه هيئة قصور الثقافة بضرورة إعادة توزيع الميزانية بشكل يضمن توفير موارد كافية للبرامج والفعاليات الثقافية.
وتدريب وتأهيل الكوادر عن طريق برامج تدريبية للعاملين فى هذه القصور، لتعزيز مهاراتهم وقدراتهم على تقديم أنشطة ذات جودة عالية.
وكذلك يجب تشجيع المشاركة المجتمعية بتعزيز دور المجتمع المحلى فى تنظيم ودعم الأنشطة الثقافية، لضمان تلبية احتياجات وتطلعات الجمهور.
كما يجب تطوير محتوى الأنشطة لتكون أكثر جذبًا للفئات الشبابية، مع الاستفادة من التقنيات الحديثة فى تقديمها.
إن إعادة تفعيل دور قصور الثقافة يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص، لضمان تقديم خدمات ثقافية متميزة تعزز من الهوية الوطنية وتلبى احتياجات المجتمع المصرى.