كُتّاب وآراء

الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» :الرمزية الرياضية .. حينما يتبول البعض !

في كثير من المراحل التاريخية سيما الحاضرة منها تشد المشاهد صور البيئة المحيطة لتماثيل بعض الرموز العراقية في ظل الظروف العصيبة والاحمال الاجتماعية والمعاناة التي ينوء تحت ويلاتها الشعب بمختلف مراحل حياته فضلا عن تقصير السلطات والجهات المسؤولة للعناية وادامة تلك التماثيل والرموز والمعالم الثقافية التي تحمل مضمونا خاصا معبرا للاجيال .

( التبول ) ليست مفردة عامية لكنها تحمل دلالة ومضمون غير محبب للمتلقي مع انها اصطلاح ولغة عربية فصحى .. لكن احيانا نضطر لاستخدامها كمفردة تمثل المعنى المطلوب بشكل لافت دقيق لما تريد ايصاله .

عنوان العمود جاء بهذا الشكل وربما قصدية المعنى جراء الذل الاحتوائي المحيط ببعض النصب التاريخية .. ففي اغلب ان لم تكن جميع دول العالم التي زرناها وجدنا الكثير من التماثيل والمشاهد تملا الساحات والمواقع السياحية لاشخاص مهمين تمثل جزء من وجدان تلك المجتمعات وقد لفت الاهتمام بها واضاف لها بعدا جذابا حولها الى مظهر من الانتماء والقوة والثقافة المجتمعية واخراجها باسلوب سياحي يضمن الفخر بتلك الرمزيات والاعتداد بها .

في العراق – للاسف الشديد – وجدت عدد من النصب التي  ينبغي ان تشكل جزء من الذاكرة العراقية بما تحمله من مضمون ورمزية ورسالة ثقافية الا ان الاهمال قد اخذ منها ماخذا .. وقد اشرنا هنا بما تقتضيه المصلحة الوطنية والمهام الاعلامية والتذكير بواجب المؤسسات للحفاظ على التراث والبيئة فضلا عن مهام الانتماء والافتخار بموروثنا ومشروعنا الثقافي وادامة حسنا الوطني الذي لا تبنى الامم وتتطور المجتمعات الا من خلاله فالامة التي بلا تاريخ لا تستطيع ان تحلم  بمشروع مستقبل يعتد به .

حدثي الزميل الصحفي والمؤرخ الرياضي هشام السلمان عن قصة طريفة مؤلمة يشير فيها الى وصية المرحوم جمولي قبل ختام مقابلته الصحفية معه ، اذ بادره قائلا : ( ارجو منك ان تبلغ وزير الشباب والرياضة بضرورة هدم وازالة نصبي المشيد امام ملعب الكشافة التاريخي) .. وقد سأله الأستاذ السلمان مستغربا عن سبب ذلك ، فرد جمولي : ( لقد اهمل تمثالي فضلا عن المعلب والمنطقة المحيطة به حتى أصبح مكان يتبول فيه البعض مما تطلب ان يهدم ويزال افضل مما هو عليه ). قطعا هذه الكلمات المؤثرة الدامعة جزء من وصية الراحل الكبير جمولي من أجل إعادة الاهتمام بمعلب الكشافة كمعلم حضاري يمثل تاريخ الرياضة العراقية المؤسساتية الذي افتتح في العهد الملكي عام 1931 بما يحمل الكثير من الذكريات الرياضية لعدد من المؤسسات خاصة المدرسية والجامعية والعسكرية .

هنا لابد لنا ان نعيد الكَرَّة على مسامع الجميع سيما اهل الاختصاص مثل اتحاد كرة القدم والاولمبية ووزارة الشباب والرياضة وحتى الاندية ..

اما ملعب الكشافة فصوت جمولي – رحمه الله – ما زال مدويا يتردد على الالسن  – ليس للتخلص من (المتبولين) على تماثيل الرموز الرياضية فحسب – بل لالفات نظر الحكومة وبقية المؤسسات المعنية لاعادة النظر والاهتمام بملعب الكشافة لما يحويه ويمثله من ارث رياضي ثقافي وما يشكله من ذاكرة مهمة لتاريخ العراق الحديث وهي بمثابة رسالة تحذير لكل من تسول نفسه التطاول على هذا الإرث وإضاعته بأي شكل من الاشكال : مولًا أو مجمع سكني أو تجمع صحي أو أي معنى تجاري آخر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى