توبكُتّاب وآراء

الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : حكاية أوجلان والطائفية

بعد 47 عاماً أحرق عبدالله أوجلان أسلحة حزبه وعاد إلى رشده.

عشرون عاماً من ذلك الدهر المقارب لنصف قرن قضاها في خلوة مع نفسه، في السجن، حيث يعيش وحيداً، ويسترجع كل ما مر منذ أن أعلن التمرد على بلاده، ويتذكر الدماء التي سالت نتيجة صراع بين الدولة وأتباعه الخارجين على النظام العام والقانون، وجمع كل «القصاصات» التي تراءت له، ابتداء من الذين زينوا له درب الانفصال، وحتى وصل إلى من تخلوا عنه وتركوه يواجه مصيره دون عون.

ادعى بأنه يتحدث باسم أكراد تركيا، وتحدث كثيراً عن اضطهاد ضد طائفته، واتبع نهج اليسار عندما كان هناك يسار ويمين، ودين وإلحاد، وحرية واشتراكية، وحمل السلاح بعد أن شكل مجموعة طائفية، وفجر المدن ومعسكرات الجيش، واختبأ في الجبال، ورفض كل المحاولات للصلح مع تغير الأنظمة وقيادات الدولة.

ولم يجلب للأكراد ما وعدهم به، بل زادهم بؤساً، وجعل الحياة في مناطقهم قاسية، وأضاف على الحرمان سطوة الثورة متعددة الولاءات، المرتزقة من الإتاوات، المهرولة خلف من يدفع أكثر!

وصل أوجلان إلى قناعة، ربما بعد أن قرأ التاريخ، وعرف أن الأكراد لم يكونوا في يوم من الأيام شوكة مغروزة في جسد المسلمين والعرب، بل هم «سيف» يتقدم الصفوف إذا «حمي الوطيس»، وتذكر أحداث فترة التمرد والمطالبة بالانفصال، وخاصة ظهور المبعوثين من الذين قدموا العروض لاستثمار حزبه ورجاله في مراحل الهيمنة وتحقيق المصالح العليا لدول طامعة وكارهة.

واطلع أوجلان على ما يسمى بثورات الطوائف والأقليات، واكتشف أنها لم تنتصر يوماً على الدولة التي يحاربونها، ولكنهم يُضعفونها، ويفتحون الأبواب لتدخلات الأجانب، ويضرون بأهلهم ويدمرون مجتمعاتهم!

حكاية أوجلان وحزب العمال الكردستاني في تركيا، وامتداده إلى العراق وسوريا وإيران، ونهايته الدرامية قبل أيام، تقدم لكل من يفكرون في معاداة أوطانهم نموذجاً حياً خلاصته أن الأحزاب والميليشيات الطائفية تمزق أوطانها وتخدم الطامعين فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى