الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ « 30 يوم »: الغرب يستعيد إنسانيته

اعترافات تتوالى، ودولة فلسطين تترسخ في أرضها، دولة مستقلة وذات سيادة، اليوم أو غداً، أو بعد عشرة أعوام، الحق ثابت، والطريق واضح، وليشرب من البحر من لم يعجبه المسار الدولي الجديد.
هذه أوروبا التي تمسك بالدفة هذه الأيام، أوروبا الغربية، التي نعرفها جيداً، الحليفة للولايات المتحدة، والملتزمة بالسير خلفها طواعية منذ أكثر من 70 عاماً، من لم تكن متعاطفة مع الشعب الذي شهد من المجازر ما لم يشهده غيره طوال تلك السنين، وشُرّد وهُجّر تحت تهديد السلاح إلى خارج أرضه، ومن قضت أجياله المتلاحقة حياتها في مخيمات اللاجئين، دون حقوق أو هوية معترف بها!
أوروبا، التي غذت أطماع «هرتزوغ» والوكالة اليهودية، ولم تبخل بالسلاح والمال من أجل إقامة دولة لفئة مكان فئة أخرى من أصحاب الأرض، وشجعت الهجرة الجماعية بتمويل منها، وصنعت مأساة في أرض كانت آمنة، ومنحت الاستيطان الحماية، والجرائم الدفاع، وتشويه الحقائق في المحافل الدولية، أوروبا التي هرول كبارها قبل صغارها إلى نتانياهو، للتعبير عن تعاطفهم بعد السابع من أكتوبر 2023، والتي فتحت أبواب التبرعات المليونية لشركاتها ذات العلامات المشهورة، تعاطفاً وإرضاء لفكر زرع في عقول شعوبها بأن إسرائيل دائماً على حق!
ومع الأيام، وتطورات الأحداث في غزة، وفي الضفة الغربية، ومع انفلات نتانياهو و«فرق الموت» المحيطة به، وبعد قرابة عامين من الإبادة الجماعية، التي حاولت أن تخفيها لتغطي الظلم والاستبداد، فقدت أوروبا كل حججها، ووضعت نقاطاً على الحروف، فنطقت بالحق، فالذي يحدث في غزة ليس انتقاماً من «حماس»، وليس عملية عسكرية لاسترجاع المخطوفين، ولكنها اعتداء صارخ على كل القوانين الكونية، سواء كانت ربانية أو عرفية، أو مواثيق وقعت عليها دول العالم، استخدمت خلاله كل وسائل الموت، من صواريخ إلى جرافات ودبابات، ومن منع الأكل والشرب والدواء عن المدنيين الأبرياء، ومن حصار لمليوني إنسان، إلى بناء مستوطنات في الضفة، التي لا تحكمها أو تسيطر عليها حماس، حتى فاض كيل ذلك الاندفاع الوحشي، وتبينت أوروبا أن الذريعة الإسرائيلية لأفعالها كاذبة ومزورة، واستعاد الغرب، بخلاف الولايات المتحدة، إنسانيته!