توبكُتّاب وآراء

سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : إعدام الأسرى الفلسطينيين

فى الوقت الذى يخطط فيه ترامب لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية بقطاع غزة، بذريعة حماية إتفاق غزة وخطته للسلام فى الشرق الأوسط من الانهيار، يحاول اليمين الإسرائيلى المتطرف تمرير قانون جديد يقضى بإعدام أى أسير فلسطينى فى السجون الإسرائيلية.

ورغم ما تحمله القاعدة الأمريكية من مخاطر وتهديدات لمصر والأردن وبقية دول الجوار، فإن تل أبيب تعتبرها تدخلًا أمريكيًا فى شئونها ومحاولة لشرعنة الوجود الأمريكى فى غزة وتدويل القضية ومن ثم الاعتراف لاحقًا بدولة فلسطينية برعاية وحماية أمريكية انطلاقًا من غزة الجديدة (ريفييرا الشرق).

وكعادتها فى استثمار أى خطوة أمريكية، تحاول حكومة نتنياهو واليمين المتطرف فى الكنيست إصدار القانون، متجاهلة ما تدعيه وماما أمريكا من ديمقراطية وحماية لحقوق الإنسان والالتزام بالقانون الدولى.

ومن حسن حظ الفلسطينيين أن الائتلاف الحاكم فشل فى توفير الأغلبية المطلوبة للتصويت على القانون؛ لأن الأحزاب المتشددة قاطعت الجلسة البرلمانية، احتجاجًا على عدم إقرار قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية (اليشيفوت)، ما أدى إلى انقسام داخل الائتلاف وصعوبة تمرير القانون.

ولولا انقسام اليمين المتطرف حول قضية الخدمة العسكرية؛ لتم تمرير أسوأ وأقذر قانون فى العالم بمباركة أمريكية. ورغم تأجيل إقراره مؤقتًا إلا أن التأجيل لا يعنى الإلغاء، بل تطبيقه إن آجلًا أو عاجلًا؛ لتمزق إسرائيل كل المواثيق الدولية المتعلقة بأسرى الحرب.

والسؤال هنا: لماذا هذا التوقيت؟ ولماذا يسرع الكنيست فى إصدار قانون غير إنسانى ويعد من جرائم الحرب الدولية، فى الوقت الذى تستقبل فيه إسرائيل وفودًا أمريكية وعربية؛ لإكمال تطبيق خطة ترامب للسلام فى غزة؟!

هل هى خطوة خبيثة لعرقلة اتفاق السلام وعدم السير فى تنفيذ رغبة الرئيس الأمريكى بتدويل غزة؟ وتفريغها من السيطرة الإسرائيلية كما يزعم الإعلام العبرى؟ أم هو نوع آخر من حرب الإبادة لكل ما هو فلسطينى؟

الغريب أن أمريكا لم تعترض، ولا أى دولة أوروبية، ولم تتحرك أية منظمة أممية أو إقليمية أو حتى عربية؛ لإدانة واستنكار هذا القانون المرتقب، والذى يعد إهانة كبيرة لكل العرب وليس الفلسطينيين فقط.

ويبدو أن العالم قد نسى أن هناك الآلاف من النساء والأطفال وكبار السن من الأسرى الفلسطينيين يتم تعذيبهم يوميًا، بشتى أدوات التعذيب الجسدى والنفسى، ويعاملون وفقًا لقانون الطوارئ الاسرائيلى، وتتم محاكمتهم أمام محاكم عسكرية صورية شكلية، لا تتوفر فيها أدنى شروط العدالة وحقوق الإنسان.

وغالبًا ما يتم تصنيفهم فى السجون تحت مسميات غريبة منها: مقاتل شرعى وغير شرعى وموقوف تحت التحقيق، وموقوف مع لائجة إتهام، ومعتقل إدارى، واسير محكوم، إما بالمؤبد أو بعشر أو عشرين أو ثلاثين عاما، وجميعهم موزعون على سجون سيئة السمعة فى أيالون وإيشل وكيداروهداريم والمسكوبية ونيتسان وكيشون والدامون ونفحة وشطة وعوفر والنقب وريمو نيم ورامون وعسقلان.

إن إصرار الكنيست بقيادة اليمين المتطرف على إقرار قانون لا يوجد مثله حتى فى أية دولة ديكتاتورية، يقضى بإعدام نحو عشرة آلاف أسير فلسطينى فى السجون الإسرائيلية، يمثل اعتداءً وحشيًا على حقوق الإنسان الفلسطينى، وجريمة دولية جديدة تضاف إلى جرائم نتنياهو، يجب أن يعاقب عليها إن تم تنفيذها، حتى ولو كان الهدف الحقيقى هو تخويف وترويع أى فلسطينى يرفع صوته أو يحتج أو يشتبك مع أى مستوطن أو جندى.

إصدار هذا القانون يؤكد أن إسرائيل لا تريد السلام، ولا تريد للمنطقة الاستقرار، وإنها تعتبر أى فلسطينى بلا قيمة، وليس له دية كما يقول المصريون، فإعدام آلاف الفلسطينيين بالنسبة إلى (كلاب جهنم) ولا شىء، أما إذا أصيب أو مرض أو مات أسير إسرائيلى واحد تقوم الدنيا ولا تقعد!

Samysabry19@gmail.com

 اقرأ أيضا

سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : لمن تعطي صوتك يامحترم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى