قرر سلاح الجو الإسرائيلي إنشاء مركز قيادة جوي ضمن اللواء 80، مزود بقدرات متطورة لمراقبة مايزعم به من عمليات التهريب من سيناء إلى إسرائيل.
وبحسب قناة i24NEWS، يأتي هذا القرار بعد اجتماع طارئ عقده قائد سلاح الجو مع جهات أمنية معنية، في أعقاب تزايد ملحوظ في استخدام المسيرات لتهريب المخدرات وأحيانا أسلحة أو معدات تجسس، من مناطق في شبه جزيرة سيناء يعتقد أن شبكات إجرامية وخلايا مرتبطة بتنظيمات متطرفة تنشط فيها.
ويتميز المركز الجديد عن وحدات القيادة الجوية التقليدية (في الشمال والجنوب) بتركيزه المتخصص على الكشف المبكر عن الطائرات المسيرة، والمراقبة الذكية باستخدام أنظمة رادار متقدمة، والتشويش الإلكتروني، والاعتراض الفعّال للطائرات المسيرة قبل دخولها الأراضي الإسرائيلية.
و دعا رئيس الأركان الإسرائيلي، الفريق أول إيال زمير، إلى عقد اجتماع خاص يركّز على ظاهرة التهريب عبر الحدود المصرية، مع تركيز خاص على الاستخدام المتزايد للمسيرات كوسيلة تهريب فعّالة وصعبة الرصد.
ورغم بناء إسرائيل جدارًا أمنيًّا على طول حدودها مع مصر منذ 2013 ،الذي نجح في الحد من التسلل البري فإن التهريب الجوي عبر الطائرات المسيرة فتح جبهة أمنية جديدة تتطلب تقنيات غير تقليدية.
فهذه الطائرات صغيرة الحجم، وصامتة نسبيًّا، ورخيصة ومتوفرة تجاريًّا، وقادرة على حمل حمولات تصل إلى كيلوجرامات عدة.
وتشير التقديرات الأمنية الإسرائيلية إلى أن شبكات التهريب تطوّر تقنياتها باستمرار، ما يفرض على الجيش الإسرائيلي تحديث أنظمته باستمرار للحفاظ على أمن حدوده الجنوبية.
ولمواجهة هذا التهديد، تعمل إسرائيل على نشر أنظمة رادار متخصصة قادرة على رصد الأجسام الصغيرة والبطيئة، وتفعيل منظومات تشويش إلكتروني لتعطيل تحكم المهربين بالطائرات، وتدريب وحدات خاصة على اعتراض المسيرات يدويًّا أو آليًّا،وتوحيد جهود المراقبة عبر المركز الجديد لضمان استجابة سريعة ومنسقة.
و يعد إنشاء مركز القيادة الجوي المخصص اعترافًا صريحًا من الجيش الإسرائيلي بأن الحدود الجنوبية لم تعد آمنة تمامًا، وأن التهديد لم يعد بريًّا فقط، بل جويًّا ذكيًّا.
وفي ظل تزايد التعاون بين شبكات التهريب والخلايا المسلحة في سيناء، تصبح هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع لاحتواء التهديدات غير التقليدية التي تهدد الأمن الداخلي الإسرائيلي من المخدرات إلى الأسلحة، ومن الجريمة المنظمة إلى الإرهاب.
وأثارت هذه المستجدات غضباً مصرياً على وسائل التواصل الاجتماعي، وطرح تساؤلات قانونية حول التزام إسرائيل باتفاقية كامب ديفيد.
و صرح المستشار في كلية القادة والأركان، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، في تصريحات لقناة العربية، أن المعلومات المتداولة حول إنشاء إسرائيل مركز قيادة جويا ضمن نطاق عمل اللواء 80 لمواجهة تهريب المخدرات بالمسيرات، إذا صحت، فإنها تأتي ضمن ترتيبات إضافية لتكثيف مراقبة الحدود ومنع التهريب بالاعتماد على التكنولوجيا المتطورة.
وأضاف أنه في حال البدء بإنشاء المركز، ستتم مناقشة كافة الترتيبات المرتبطة به مع الجهات المصرية المعنية بمتابعة اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 79، لضمان عدم حدوث أية مخالفات.
وأوضح اللواء كبير أن تركيز إسرائيل المبالغ فيه وغير المبرر على تصريحات حول زيادة نشاط التهريب من الغرب للشرق باستخدام المسيرات، وهو ما نفته الجهات المصرية المعنية، يهدف إلى إحداث بلبلة إعلامية.
وأشار إلى أن إسرائيل تسعى لبث الشائعات وتضليل الرأي العام حول جرائمها في غزة وانتهاكاتها في الضفة الغربية، وأن هذا المركز المستحدث قيد المتابعة.
وأكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن إنشاء الجيش الإسرائيلي لمركز قيادة جوي متطور على الحدود المصرية يثير تساؤلات قانونية خطيرة حول التزام إسرائيل باتفاقية كامب ديفيد ويشكل تهديداً محتملاً للأمن القومي المصري.
وأوضح أن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979 تتضمن ملحقاً أمنياً ينظم بدقة التواجد العسكري الإسرائيلي على الحدود مع مصر ويحدد مناطق محدودة التسليح.
وأشار إلى أن إنشاء مركز قيادة عسكري متطور مزود بأنظمة رادار متقدمة ومنظومات تشويش إلكتروني وقدرات اعتراض جوي ينتهك الاتفاقية. وشدد أستاذ القانون على أن هذا المركز يمثل تصعيداً عسكرياً غير مبرر، وأن ذريعة مكافحة التهريب لا تستلزم منشأة عسكرية بهذا الحجم والتطور.
وأكد أن هذه الأفعال تمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاقية، وأن القدرات المتطورة للمركز قد تستخدم لأغراض تجسسية ضد مصر، ما يمثل انتهاكاً للسيادة المصرية.
ودعا الحكومة المصرية لاستدعاء السفير الإسرائيلي فوراً والمطالبة بإيضاحات رسمية حول طبيعة المركز وقدراته وأهدافه الحقيقية.
وأكد الدكتور مهران أن مصر لن تقبل بأي إجراءات إسرائيلية تهدد أمنها القومي، وأن القانون الدولي يحمي حق الدول في الدفاع عن سيادتها وأمنها.
وأوضح أن استمرار انتهاك إسرائيل لاتفاقية كامب ديفيد سيعطي مصر الحق في إعادة النظر في التزاماتها بموجب الاتفاقية، وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.
				



