الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : المتحف المصري الكبير من طاليس حتى العقاد .. !
“الشعب يريد اسقاط النظام ” .. هكذا صدحت الجموع المصرية في واحدة لم تكن من الحكايات المزاجية أو الصناعات الظلامية بقدر ما هي صرخة مجتمعية طالبت بالتغيير ومحاولة نقل مصر من موقع إلى موقع آخر متقدم تستحقه بمعزل عن عملية التوظيف أو ما اعتراها من خرق ما .
في التاريخ القديم ظلت بلاد وادي النيل تذكر على طول المراحل اللاحقة تنبأ البشرية عن قصة حضارة أو بالأحرى حضارات أُنشأت هناك وامتدت اذرعها بمختلف البقاع وشكلت خطوات على مختلف الابتكارات أو تقنيات التقدم انذاك التي لا تتوقف عند اكتشاف الكتابة الصورية .
يذكر لنا السرد القديم أن مشكلة علمية حدثت قبل الميلاد عن كيفية قياس ارتفاع الأهرامات أو أي ارتفاعات اخرى على الأرض وظلت زمنا تتداول وتبحث في المراكز العلمية العالمية التي كان من بين أكبرها واهمها مكتبة الاسكندرية إن لم تكن الأهم عالميا انذاك .. وقد حلت عن طريق طاليس من أساطين الفلسفة العالمية الذي كان احد طلاب تلك المدرسة اللغز التي لم تدرس وتفسر بعناية كما ينبغي حتى الآن .. حينما وجد نظرية ( طول الشيء وظله يتساوى في نقطة معينة في ساعة من منتصف النهار ) التي حلت لغز ارتفاع الأهرامات بل وأسست لتطور نظريات حياتية متعددة .
في واحدة من الافضال المصرية على العرب والمسلمين التي لا يمكن انكارها بل وتستحق اعادة دراستها من زوايا اخرى ان الجيش المصري – بمعزل عن العناوين والتوظيف والتلاعب النظري والظلامي السياسي – نعم الجيش المصري وحده هو من اوقف الغزو التتري بل وأسهم فاعلا بانتهاء الخطر المغولي إلى الأبد .
( مصر) ملف وقضية كبرى لا يمكن مقارنتها باي بلاد العرب إلا ببلاد الرافدين من زوايا حضارية متعددة وبتجرد ذاتي مستند إلى أروقة التاريخ .. فهي الأكبر حجما والأعرق تاريخا والأكثر سكانا والأقرب التصاقا بحضارة ( روما ) تلك الحضارة الأوربية وإن تعددت مسمياتها وأشكالها التي تعد مصر نافذة لا يمكن إغفال التاثير العربي من خلال بوابتها ( اسكندريا او نابلوينيا ) وقبلهما وما بعدهما .
نعم مصر على بوابة مفترق طرق حتما ستعود لاستعادة بريقها ودورها المحوري المؤثر – هنا لا أتحدث عن السياسة ودهاليزها فحسب – بل أحفر بأخاديد ثقافة ووعي شعب جدير بالحياة ويمتلك حس الانتماء وقدرة الاحتواء وله فضل الامتداد الثقافي ما قبل تأليف الكتب على طريق طبعها ثم قراتها من عبر تاريخ احدث : ( يبدأ بمحمد عبده وصوت العرب من القاهرة وفات الميعاد الكلثومي وشاهد مشفش حاجة التي ما زالت آسرة ورسمية يا ولدي لعبد الحليم .. وشعبية حبة فوق حبة تحت لاحمد عدوية … وتناشزية – شكوكو والعقاد – بل وحتى المحمدين صلاح في لندن وابو تركية في الدوحة ) .
العجلة لا يمكن ان تتوقف والمسير باتجاه صحيح سريع حتما سيسهم في بناء مدرسة الاسكندرية من جديد لتكون مصدر اشعاع عالمي ويعود موسى عابرا البحر .. عبر رؤية الحكيم يوزر سيف مرة اخرى .
قرات سعيدا ما اختلجني من أخبار عن افتتاح أكبر متحف للآثار في العالم بعنوان ( المتحف المصري الكبير ) في القاهرة الذي صمم بهندسة يطل منها الزائرين على الاهرامات بمتحف يضم اكثر من مائة الف قطعة اثرية من العصور الفرعونية واليونانية والرومانية … ويمكنني أن أضيف حدسا البابلية و السومرية لتلاصق حد الاتحاد بين ملفين لم يكن البحر او النهر عازلا يوما بينهما ) بالإضافة إلى ما سيضمه من مبان تجارية وسياحية وترفيهية تستوعب خمسة مليون زائر سنويا كحد اولي .. وما يعنيه ذلك من موارد وفرص عمل وقوة ثقافة خشنة ظاهرة وناعمة مستترة .
كتبت هنا تعبيرا صادقا عن فرحة وتضامن مع اشقائي المصريين لما سيمثله هذا الحدث الثقافي السياحي كمصدر قوة لا يمكن أن تضاهي في زمن العولمة ومدى تاثيره وانعكاسه لتحسين الاحوال العامة ليس لمصر فحسب بل لبقية العرب ودول إقليمية اخرى .




