أخبار العالمتوب

الدولة العثمانية في مصر.. ما لها وما عليها

كتب – عمر أبو الحسن : 

قال الدكتور سيد محمد السيد أستاذ تاريخ الدولة العثمانية والوثائق العثمانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، إن الدولة العثمانية مثل غيرها من الدول التي تعاقبت على حكم مصر، كان لها إيجابيات وسلبيات، مشيرًا إلى أنها جاءت لإحياء فكرة الدولة الإسلامية والخلافة من جديد، في وقتٍ كان فيه العالم الإسلامي يمر بفترة ضعف شديد، خاصة خلال أواخر الحكم المملوكي.

وأوضح الدكتور سيد أن الدولة المملوكية واجهت تحديات جسيمة قبل دخول العثمانيين، من أبرزها سقوط الأندلس، والهجمات الإسبانية والبرتغالية على البحر الأحمر، وعجز المماليك عن التصدي لتلك الحملات، رغم محاولات السلطان قنصوه الغوري التعاون مع العثمانيين لصدها. كما ظهرت في الشرق الدولة الصفوية الشيعية التي كانت تطمع في السيطرة على الشام ومصر والحجاز، في وقتٍ انتهج فيه المماليك سياسة الحياد تجاهها، ما دفع المسلمين السنة إلى الاحتماء بالدولة العثمانية.

وأشار إلى أن الصراع الحدودي بين المماليك والعثمانيين في إمارة “ذو القدر” كان من أسباب ضعف الدولة المملوكية، مما شجع العثمانيين على التوجه شرقًا لإحياء الوحدة الإسلامية. وبعد معركة مرج دابق التي قُتل فيها السلطان قنصوه الغوري عام 1516م، دخل السلطان سليم الأول مصر عام 1517م بعد أن درس تاريخ المنطقة جيدًا وواجه صعوبات الصحراء حتى أنهى حكم المماليك.

وأضاف أن مصر شهدت بعد دخول العثمانيين فترة ازدهار استمرت نحو خمسين عامًا، بدأت بتولي الوالي “خاير بك” الحكم بين عامي 1523 و1528م، ثم توالى على الحكم عدد من الولاة مثل مصطفى باشا، وأحمد باشا، وإبراهيم باشا الذي تمكن من القضاء على حركات العصيان الداخلي. ثم جاء “سليمان باشا الخادم” الذي أصدر “قانون نامة مصر”، وتوالت بعده فترات من الاستقرار والتراجع حتى القرن السادس عشر، حين بدأت علامات الضعف والفساد تظهر في الدولة العثمانية وانتقلت آثارها إلى مصر.

وتابع موضحًا أن ضعف الدولة المركزية في إسطنبول سمح بعودة نفوذ المماليك داخل مصر، حيث تولوا إدارة الأقاليم والحج والإشراف على اليمن والحبشة. ومع مجيء الحملة الفرنسية (1798 – 1801م) بدأت مرحلة جديدة من التاريخ المصري والعثماني شهدت بداية تفكك الدولة العثمانية، خاصة بعد أن عقد المماليك اتفاقات منفصلة مع الفرنسيين والإنجليز.

وردّ الدكتور سيد على بعض الشائعات التي تُثار حول الدولة العثمانية، ومنها أنها لم تهتم بالتعليم، موضحًا أن كل سلطان عثماني كان يُنشئ مجمعات خيرية تضم مسجدًا ومدرسة ومستشفى، وتُوقف لها الأوقاف لضمان استمرارها. كما رفض وصف العثمانيين بأنهم “احتلال”، مشددًا على أن وجودهم في مصر كان امتدادًا للخلافة الإسلامية مثل الأيوبيين والفاطميين والعباسيين، وأنهم لم يفرضوا لغتهم أو ثقافتهم كما فعلت القوى الاستعمارية في دولٍ أخرى مثل فرنسا في الجزائر.

وختم الدكتور سيد حديثه بالتأكيد على أن ما يُروّج عن “ضريبة الدم” أو “الخزينة الإرسالية” لا أساس له من الصحة، موضحًا أن الأموال التي كانت تُرسل إلى السلطان كانت من فائض الإيرادات الزراعية، تُستخدم في مواجهة الأزمات أو تمويل الحملات، ولم تكن تُصرف على النفقات الشخصية للسلاطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى