توبكُتّاب وآراء

الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : ميلوني و«الجنائية الدولية»

استغربت رئيسة وزراء إيطاليا من الدعوى المرفوعة ضدها مع اثنين من وزرائها أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في إبادة جماعية بغزة.

ونحن أيضاً نستغرب، ولنا الحق في ذلك، نستغرب لأنها مستغربة، وغير مصدقة، ما اضطرها إلى إعلان الخبر بنفسها، والقول «لا أعتقد أن هناك حالة أخرى كهذه في العالم أو في التاريخ»، وهذا صحيح، ولكن السيدة التي تقود بلاداً بحجم ومكانة إيطاليا، وترأس حزباً يمينياً، والسياسية المتمرسة، نسيت أن القواعد القانونية العامة والخاصة، الدولية والوطنية، تحتاج إلى «سابقة»، فكانت هي السابقة، هي من ستفتح الأبواب للمحاكم الدولية، وتقدم كل من أخل بالمبادئ الإنسانية، العرفية قبل المنصوص عليها في القوانين الموضوعة.

جورجيا ميلوني تجاهلت الزمن الذي تعيش فيه، ولهذا ذهبت إلى التاريخ مستنجدة ومتوسلة، تريده أن ينصفها، وأن يبرر موقفها المخجل من أحداث غزة، ونسيت أن تاريخها المتمسكة به يخالف التاريخ الذي تعيشه البشرية اليوم، وأن الفكر اليميني المتطرف انتهى مع انتهاء «الحملات» العقائدية وما تبعها من «غزوات» الجيوش الاستعمارية، وأن الحقوق هم الذين كتبوا قوانينها، وكان الأجدر بها أن تتذكر ذلك قبل أن «تشذ» عن أوروبا، وتتبع طريقاً مخالفاً، طريقاً يدعم الإبادة الجماعية في غزة، مستندة على ما زورته عقائد أسلافها المحرفين للثوابت.

ميلوني في موقفها من غزة تشبه الذي يشهد جريمة قتل ويصمت، أو ذلك الذي يحرض غيره على ارتكاب فعل مخالف للقانون ويدعي بأنه ليس شريكاً في الجريمة، ولو كلفت نفسها عناء البحث في قوانين العقوبات، في بلادها، وفي العالم الذي استشهدت به، فستجد نفسها متهمة بالتواطؤ، عندما تنكر وقوع الجريمة، وتدافع عن المجرم، وتعارض إدانته، ويكفيها أن الذين قدموا الدعوى إلى «الجنائية الدولية» محامون من إيطاليا، وليس من «الواق واق»، إيطاليون رافضون موقف رئيسة وزرائهم، ويعتبرونه «عاراً» يمس كرامة بلادهم، إنهم يرون الحق أمام أعينهم، ويرون الباطل أيضاً!

فهل ترى جورجيا ميلوني رئيسة وزراء إيطاليا الحق والباطل وتفرق بينهما؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى