توبكُتّاب وآراء

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : الفرق بين ترامب وماتشادو

أصابت لجنة نوبل للسلام عندما منحت جائزتها لهذا العام 2025 للفنزويلية ماريا ماتشادو، وبعثت اللجنة بإشارات مهمة للعالم ولكل من يهرول لاقتناصها بعمل جاد وإرادة حديدية وتصميم لايلين لإرساء السلام العالمي، بعد أن باتت مصدر إلهام وقبلة للطامحين في حصدها من قادة سياسيين وغيرهم ممن تركوا بصمة في استهداف التعايش السلمي.

ربما الحالة الجدلية طوال الشهور الأخيرة ،جعل العالم في ترقب غير مسبوق لمعرفة من سيفوز بها، بعد أن صنع ترامب هذا الانبهار في رغبة متوحشة ومستفزة دون خجل أقرب للتسول بعيدًا عن الطموح والتمني المشروعين،  ولم تخلُ مناسبة إلا وأفصح بشكل مباشر وغيره عن أمنيته في خطفها والاستمتاع بجاذبيتها وقيمتها المعنوية من أجل بلاده!!

تشعب محاور جائزة رجل الأعمال السويدي ألفريد نوبل عن بداياتها  كان مفيدا والذي أوصى باستخدام ثروته لتوزيع جوائز لمن قدّم أعظم فائدة للبشرية، واستدامة السلام، وتعزيز الأخوة الدولية، والعمل الهادئ للمؤسسات لدعم تلك الأهداف، وتفعيل العمل الإنساني والديمقراطيات، ومكافحة تغيّر المناخ وغيرها.

لكن رسائل اللجنة المهمة أنها لاتخضع لضغوط سياسية.. وفرق بين من يرسخ العدالة والسلام ويبحث عن وقف النار بقناعة دون انحياز لطرف،مستمتعا بشلالات الدم والإبادات الجماعية ولم يتدخل إلا بعد أن وجد من يسانده في ورطة، بينما يكافح باستماتة لوقف النار في مناطق أخرى أقل حدة لأسباب بداخله هو وعنصرية فاضحة وغير مسؤولة دون وخز ضمير.

وحتى لايسود لغط كبير كشفت لجنة نوبل ملابسات اختيار ماتشادو تقديراً لشجاعتها في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية للشعب الفنزويلي، وإصرارها على التغيير بوسائل سلمية رغم القمع والتهديدات، ونضالها الطويل من أجل الديمقراطية في واحدة من أكثر البلاد استبداداً، خاصة أن السلام لا يُقاس فقط بوقف الحروب، بل أيضاً بإرساء العدالة والحرية.

وتعاطفت اللجنة مع ماتشادو  لخلق “حالة خاصة” في بلد يعاني أزمات اقتصادية وسياسية خانقة واتهامات بالتآمر ضد الدولة تجعل المخاطر أشد ضراوة لمن يحمل لواء الدفاع عن العدالة والديمقراطية في بيئة ونظام لايعرف سوى حكم الفرد الواحد إذ جردها البرلمان من حصانتها ومنعها من الترشح لأي منصب، فظلت صلبة داعية لانتقال سلمي للسلطة وإعادة بناء المؤسسات بدل الانزلاق إلى صدام مسلح.

وظني وأغلب الظن يقين، أن تصريحات الرئيس بوتين  المؤيدة لترامب وأن اللجنة أضرّت بهيبة الجائزة محاولة لاستمالة الرئيس الأمريكي في حربه مع أوكرانيا لتخفيف الضغط العسكري عليه، لأنه يعلم الأغراض الحقيقية من سعي ترامب من أجل السلام رغم أنه لم ينهِ حربا بشكل مستدام- حتى الآن- لأن النوايا غير سليمة!

هي رسالة مهمة للجنة نوبل لمن يناضل سلميا دون دم لرفع شأن بلاده بحثا عن العدالة والديمقراطية وهما صفتان لو توفرتا في أي بلد من العالم الثالث سيخطو خطوات كبيرة للأمام.

أجمل ماقالته “ماتشادو” أنها تهدي الجائزة  للفنزويليين الذين لم يفقدوا الأمل في الحرية،  فالعالم يسمع صوتنا، وأننا لسنا وحدنا في هذه المعركة.. فهي معركة دون دم .. وهي الرسالة الحقيقية من الجائزة لكل من يهمه الأمر.. وهو الفرق بين ماتشادو وترامب!!

 اقرأ أيضا

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : الشحات المحظوظ!

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : لم تعد قمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى