الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : وسائل إعلامية .. فتاكة .. لكنها مرخصة !

منذ الخليقة حتى انطلاق التواصل المجتمعي ومن ثم المؤسساتي كانت لغة الإعلام هي تعبير عما يكتنف العملية التواصلية من أخبار وإشهار .. ثم اخذ يتوسع الأفق بعد تضارب المصالح وترسيخ مفهوم المنافسة والخصومة والحرب كنتيجة حتمية للصراع بمعزل عن تقييمها ( خيرة أو شريرة ) .. ليأخذ الإعلام بُعدًا آخر لنصرت المصالح المؤسساتية بكل ما أوتي من علم اتصالي وتقنيات إعلامية لصاحب المؤسسة – أي الامتياز او المؤسس او الممول – على حساب الاخر الذي يقف بالجهة المضادة ويمتلك فريق عمل اعلامي اخر ..
بعد عصور وقرون وصراع حضارات … اصبح الاعلام سلاح لا يقل كفاءة عن بقية الأسلحة الفتاكة لتحقيق اهداف الدول سيما العابرة للحدود والمخترقة لنظام الجنسية وفرضها مصالح محددة لجماعات معينة ..
تحت هذا الدور الكبير ولخطورة الإعلام .. أخذ مفكرو الإعلام والغزو الثقافي يبحثون عن جلباب وعناوين وأستار تخفف النظرة السوداوية والدور الخطير المتغلغل المؤثر جدا لواجهات الإعلام .. حتى ظهرت نظريات الإعلام الرأسمالي والاشتراكي والتنموي … غير ذلك الكثير من تقسيمات جزيئية مرافقة لم تستطع إخفاء الأهداف الحقيقية المختبئة خلف تلك الشعارات فيما تستبطن أهداف سياسية لا تخجل بالتصريح أن : ( الغاية تبرر الوسيلة ) .. وما يقتضي ذلك من لغة أغلب مفرداتها تصاغ في الظلام وخلف الاستار وباعماق النوايا وتحرر بحرفنة عالية جدا تأخذ البعد النفسي والمعنوي والدعائي والأمني … وتحال الى احدث تقنيات التزويق والتدقيق والتجميل قبل الظهور والتجلي للمتلقي بحلتها المغايرة تماما عما تحمل من مضامين وتستهدف من آفاق بعضها صعب الإدراك سيما للشعوب المغلوبة فضلا عن المتخلفة ..
حينما تضعف مركزية الدولة بأي زمان ومكان كان يخترق جدار الصمت وتفكك عقد التلعثم وتحل اسرار الكتم لينطلق مارد المشاعر والطموحات الجامحة باعتى قواه ( الشهوانية والجسدية ) غير المنضبطة .. حتى يشبع صوت الحرمان العام .. فيما تصطبغ مؤسسات الاعلام بالكثير من هذا اللون كل يعبر عن نفسه بطريقته او عبر مؤسسيه كحق متاح في زمن اللانظام ..
في طرفة مضحكة مبكية لا تتناسب مع الديمقراطية المزعومة والحرية المنشودة في بعض الانظمة الهشة … يسود الهرج والمرج والانفلات من الأطر التقليدية كلما ضعفت مركزية الدولة وتهرات اجهزت الحكم ليسود التدليس والتزوير والكذب ويتحكم التخريب بشكل اقوى واكثر تاثير .. ويبقى التشويه قائم حتى تحدث دكتاتورية جديدة تخرس الالسن ولا تسمح الا لاعلامها الممول والمدعوم .. هكذا دواليك أزمات إعلامية ربما تعد تعبيرا عن معاناة فلسفة أخلاقية ..
بهذه المشهد المترهل تكاد تقسم وسائل الاعلام الى ثلاث فئات :-
1- موجهة تصرف لها الأموال وترفع الشعار ولا تسعى الا لتحقيق اهداف المؤسسة بمعزل عما يتناول ويقال ويفعل على طاولة اعلامها .. فالغاية تبرر الوسيلة .. لا يهمها ان ترفع شعار مقدس او تلبس أزياء العهر ، الأهم ان تبلغ ما تبتغي وعادة ما تكون صفراء باحثة عن احداث تغطي تمرير ملفات أخرى اهم .
2- وسائل رسمية او شبه رسمية كحال الحكومة الضعيفة اغلب ادوتها وبرامجها تنتج وتخرج باليات العلاقات التي لا تعبر حدود الذات ولا تمتلك قدرة التاثير الا بشكل محدود لان اعلامها خبري تقليدي يتماشى مع الذوق العام ولا يحق لها استخدام غيره ..
3- مستقلة بحدود ضيقة تسعى لنشر المعرفة التربوية والاخلاقية والتجتماعية تماشيا مع الوضع القائم دينيا وعرفيا … وهي تثقيفية بحتة لا تملك قدرة التاثير على الراي العام او تحريك الشارع بصيغته الكامنة والمرهبة للاخر .
اقرأ أيضا
الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : الرياضة مشروع ومشروعية