توبكُتّاب وآراء

إبراهيم الداروي يكتب لـ «30 يوم» : حماس وإسرائيل .. صفقة محتملة تحت مظلة الضمانات المصرية – الأمريكية

وسط رهان غير محدود على نجاح القاهرة كوسيط نزيه وقوي يتمتع بخبرة تاريخية في إدارة المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، تنطلق مساء اليوم الاثنين في مدينة شرم الشيخ المصرية، مفاوضات غير مباشرة بين حركة “حماس” وإسرائيل، برعاية ثلاثية تشمل أمريكا وقطر، لمناقشة ترتيبات بنود تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة.

ويعزز الدور المصري في إدارة المفاوضات، والدعم الأمريكي القوي، من آمال المراقبين في نجاح المفاوضات، إذ تملك مصر إلى جانب خبرتها التاريخية في إدارة مثل هذه المفاوضات، أوراقا أخرى أهمها تقديم القدرة على تقديم ضمانات أمنية لكلا الطرفين، ما يعزز من فرص التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف الحرب، في ظل إصرار الإدارة الأمريكية لإنهاء النزاع.

الأحد الماضي، قال ترمب في منشور على “تروث سوشيال”، إن الفرق الفنية ستجتمع مجددا في مصر، الاثنين، لبحث التفاصيل النهائية، مضيفا: “أبلغت بأن المرحلة الأولى من الخطة ستنجز هذا الأسبوع”، وتشمل المرحلة الأولى وقفا للنار، وانسحابا إسرائيليا أوليا مقابل الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات.

ومع عدم ثقة حماس في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تطالب الحركة بضمانات قوية ضد أي تراجع إسرائيلي محتمل، عن الالتزامات الواردة في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو ما دفع وفد الحركة إلى الإصرار على وجود آليات رقابة دقيقة لضمان تنفيذ الاتفاق وفق جداول زمنية محددة، وهو النهج الذي يعكس رؤية حماس لمستقبل يتجنب الفخاخ السابقة، وتفعيل آلية «الضمانات» في محاولة لبناء ثقة متبادلة.

ومن بين الشروط التي وضعها وفد حماس على الطاولة، يبرز طلب الانسحاب الإسرائيلي خلف الخطوط المحددة في خطة ترامب، مع إخلاء مناطق التجمعات السكانية في غزة، وهو المطلب الذي يعد أساسيا لإعادة الحياة الطبيعية في القطاع، حيث يتوقع أن يؤدي إلى تقليل التوترات اليومية، وربما يفتح أبوابا لاستثمارات دولية في القطاع، بشكل يعزز الاقتصاد الفلسطيني ويقلل من الاعتماد على المساعدات، وفي هذا السياق يطالب وفد الحركة أيضا، بجدول زمني واضح لانسحاب قوات الاحتلال النهائي، في إطار ضمانات تتفادى أي تأخير في التنفيذ وعودة الوضع إلى المربع صفر.

ورحب ترامب في وقت سابق، برد من حركة حماس قالت فيه إنها تقبل بعض الأجزاء الرئيسية في مقترحه المؤلف من 20 بندا بما يشمل إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

ومن بين المطالب البارزة التي ستضعها الحركة على طاولة شرم الشيخ، يأتي وقف تحليق الطيران الإسرائيلي فوق غزة لمدة 10 إلى 12 ساعة يوميا، وهو خطوة إنسانية أساسية توفر فترات هدوء للسكان، وتعزز الثقة، نحو وقف دائم حال نجح تنفيذ الاتفاق، ما يسمح بإعادة بناء البنية التحتية في القطاع، ويشجع على إبرام اتفاقات أمنية مشتركة، تتضمن تعاون الأطراف الفاعلة في مراقبة الحدود، ويفتح طرقا للتعاون الاقتصادي.

كذلك، تطالب حماس بإلغاء الفيتو الإسرائيلي على أسماء خمسين أسيرا من القيادات الفلسطينية ترفض الإفراج عنهم، وهو المطلب الذي يحقق من وجهة نظر الحركة «العدالة في عملية التبادل» ويحرر رموز مقاومة تاريخيين، بشكل يعزز صورة حماس ويسهم في ترميم شعبيتها داخليا.

وربما يؤدي إلغاء الفيتو في المستقبل إلى إفراج جماعي يعيد ميزان القوى بين الفصائل الفلسطينية الفلسطيني إلى لحظة توازن تمهد لمصالحة داخلية، وإبراز قيادة وطنية فلسطينية تحظي بالشرعية اللازمة لقيادة مسار سلام مع إسرائيل، تحت مظلة دعم عربي واسع لتعزيز الاستقرار في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، يصر وفد حماس، على تحرير الأسرى وفق معيار الأقدمية في الاعتقال والعمر، لضمان إنصاف الذين قضوا سنوات طويلة في السجون، وتحقيق قدر من «العدالة» ما يخفف من الغضب الشعبي تجاه الحركة في غزة، ويعزز الروابط العائلية والاجتماعية بين الفلسطينيين.

وتأتي مشاركة السلطة الفلسطينية في ترتيبات “اليوم التالي” وإدارة شئوون غزة ضمن إطار وطني متوافق عليه، ضمن مطالب الحركة التي تسعى عبر هذا المطلب إلى توحيد الصف الفلسطيني، بشكل يعزز الموقف التفاوض ككل، ويمهد إلى حكومة وحدة وطنية، قادرة على إدارة المساعدات العربية والدولية بفعالية.

ومن المتوقع أن توفر «خطة ترامب» التي تشكل أساس الصفقة، إطارا اقتصاديا يعزز الاستثمارات الخليجية في غزة، بشكل يحقق نمو اقتصادي سريع، يقلل من البطالة ويعزز التعليم. ومع ذلك، يظل التحدي في ضمان عدم استغلال الخطة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية، مما يتطلب رقابة دولية مستمرة.

وتمثل هذه المفاوضات حال نجاحها فرصة تاريخية لإنهاء الصراع في غزة، ربما تؤدي إلى مفاوضات أوسع حول قضايا الحل النهائي للصراع مع إسرائيل مثل القدس والحدود، خاصة مع تزايد الدعم الدولي للفلسطينيين وللسلام في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى