السفير مدحت القاضي يكتب لـ « 30 يوم »: هل تنجح كينيا في إحياء مشروع سد نهر تانا.. إسترشاداً بإثيوبيا

أولاً – كينيا وحلم توليد الطاقة
[١] بدعم من شركة الكهرباء الكينية الحكومية “كينجين” وشركاء صينيين محتملين، تُعيد كينيا إحياء مشروعها الطموح لبناء محطة كهرومائية بقدرة 700 ميغاواط على سد “هاي غراند فولز” في نهر تانا.
[٢] ليصبح ثالث أكبر مشروع في شرق أفريقيا بعد سد النهضة الإثيوبي ومشروع نيريري في تنزانيا.
[٣] ورغم أن حجمه لا يتجاوز خُمس حجم سد النهضة، فإن المشروع يُعد خطوة إستراتيجية نحو تعزيز أمن الطاقة في البلاد.
[٤] في 14 أكتوبر 2024، التُقطت صورة لقسم من سد ماسينغا الكهرومائي، أحد سلسلة “الشقوق السبعة” التي تُعد المصدر الرئيسي للكهرباء في كينيا، والذي يقع في مقاطعة ماتشاكوس.
ثانياً – سباق الطاقة الكهرومائية
[٥] مع تصاعد المنافسة الإقليمية، تسعى كينيا إلى تقليص اعتمادها على واردات الكهرباء، خاصةً من إثيوبيا، عبر مشروع هذا السد الذي يمكن أن تصل قدرته إلى 1000 ميغاواط.
[٦] وهذا المشروع، الذي يشمل أيضًا مكونًا للري، يُتوقع إنجازه خلال 5 سنوات، وتُقدّر تكلفته بنحو 2.75 مليار دولار.
[٧] وبعد إلغاء عقد الشركة البريطانية جي بي إم لميتد في يوليو 2025 بسبب عدم قدرتها على التمويل، تعمل حالياً “كينجين” على إنشاء كيان تمويلي خاص لتولي المشروع، وسط ترجيحات بتعاون مع شركات صينية تهيمن على تمويل البنية التحتية في المنطقة.
ثالثاً – الشركاء الصينيون في الواجهة
[٨] قال أليكس واتشيرا، وكيل وزارة الطاقة الكينية، إن بلاده تتطلع إلى الشراكة مع شركات صينية تمتلك “القُدرة المالية”، مشيراً إلى دورها في بناء سدود إثيوبيا وتنزانيا.
[٩] وأضاف “لا نريد الشركة البريطانية لأنها فشلت في التنفيذ ولم تكن تملك التمويل الكافي”. وكانت الشركة البريطانية تعتزم التعاون مع شركة آر سي بي البرتغالية وشركة باور تشاينا، المقاول الرئيسي لسد الممرات الثلاثة في الصين.
رابعاً – دور كينجين وتمويل المشروع
[١٠] من المتوقع أن تمتلك “كينجين” أقل من 50% من أسهم الكيان التمويلي، الذي سيُشغّل السد لمدة 30 عامًا قبل تسليمه للحكومة.
[١١] وتسعى الشركة للحصول على تمويل ميسّر من مؤسسات دولية مثل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، والوكالة الفرنسية للتنمية، وبنك كي إف دبليو الألماني، بدعم من الحكومة.
[١٢] وقال المدير التنفيذي لـ”كينجين”، بيتر نجنغا “لا يمكننا تحقيق التصنيع دون أحلام كبيرة. إذا لم نتحرك، ستتجه الاستثمارات إلى دول أخرى بسبب نقص الطاقة”.
خامساً – مٌقارنة إقليمية
[١٣] رغم أهمية المشروع، فإن قدرته تبقى أقل بكثير من سد النهضة الإثيوبي الذي تبلغ طاقته 5 آلاف ميغاواط، ومشروع نيريري التنزاني (2100 ميغاواط)، وسد كارُوما في أوغندا (600 ميغاواط).
[١٤] ويُقر المسؤولون الكينيون بأن بلادهم تأخرت في قيادة قطاع الطاقة الكهرومائية، رغم تزايد الطلب المحلي بفعل توسع قطاعات التصنيع والتعدين.
سادساً – سوق الكهرباء الإقليمية
[١٥] تُعد كينيا أكبر سوق كهرباء في شرق أفريقيا، وتستورد حاليًا 200 ميجاواط من إثيوبيا بموجب اتفاق شراء لمدة 25 عامًا، سترتفع إلى 400 ميغاواط بحلول 2026.
كما ترتبط باتفاقات تبادل كهرباء مع تنزانيا وأوغندا.
[١٦] لكن في حال زيادة الإنتاج المحلي، قد تتراجع الواردات، مما يُهدد إيرادات الدول المجاورة التي لا تملك اتفاقات طويلة الأمد مع نيروبي.
[١٧] وحذّر جوزيف سيرور، المدير التنفيذي لشركة توزيع الكهرباء الكينية، من الاعتماد على الواردات، مشيراً إلى أن الدول المجاورة تُعطي الأولوية لاستهلاكها المحلي في حالات الجفاف، مما يُعرّض كينيا لانقطاعات في الشبكة.
سابعاً – آفاق التصدير
[١٨] رغم تجميد اتفاقات شراء الكهرباء مُنذ 2021، تمتلك كينيا إمكانات تصديرية كبيرة، خاصةً في مجال الطاقة الحرارية الأرضية، حيث تُعد المنتج الأول في أفريقيا بطاقة مركّبة تبلغ 863 ميجاواط، مع إمكانات تصل إلى 10 آلاف ميغاواط على إمتداد وادي الصدع.
[١٩] ويُنظر إلى مشروع “هاي جراند فولز” كإرث محتمل لرئاسة وليام روتو، في ظل تزايد الطلب المحلي وتراجع هامش الاحتياطي الكهربائي، ما يُنذر بانقطاعات واسعة إذا لم يُرفع التجميد البرلماني على المشاريع الجديدة.
[٢٠] وحتى ديسمبر 2024، شكّلت الطاقة الكهرومائية 24.7% من إنتاج الكهرباء في كينيا، بعد الطاقة الحرارية الأرضية التي بلغت 39.8%.
[٢١] وتُعد الطاقة الكهرومائية المحلية الأرخص، بمتوسط تكلفة يبلغ 3.83 شلن كيني لكل كيلووات/ساعة، متفوقة على الطاقة الحرارية والمستوردة، في حين تُكمّل المصادر الأخرى من الرياح والطاقة الشمسية.