توبكُتّاب وآراء

حمدي رزق يكتب .. حظر الإخوان أمريكيا علي الطريقة الإسرائيلية ؟!

“جيروزاليم ستراتيجيك تريبيون”، مجلة (فصلية) تصدر في إسرائيل، أطلقها قبل أعوام رجل الأعمال المغربي “أحمد الشرعي”، تركز على تحليل العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتمثل وجهات النظر الإسرائيلية والأمريكية حول القضايا الدولية.
خلال مشاركته في بودكاست “إن ذا ناشيونال” دخل رئيس تحرير المجلة، الدبلوماسي الأمريكي السابق “روبرت سيلفرمان”، على خط النقاشات الأمريكية الصاخبة حول حظر جماعة الإخوان الإرهابية .
وللغرابة، يدعو ( سيلفرمان ) الإدارة الأمريكية إلى تجنب مقاربة (الحظر الشامل للإخوان) والتركيز بدلا من ذلك على (تصنيف) الفروع الأكثر تورطا في العنف، خاصة تنظيما الإخوان في مصر والسودان..
ترجمة مقاربة ( سيلفرمان ) الاكتفاء بحظر جماعة إخوان مصر، ومثلها جماعة إخوان السودان، مع تجنب حظر جماعة إخوان أمريكا، وبالضرورة جماعة إخوان إسرائيل؟!
ونصح ( سيلفرمان ) الإدارة الأمريكية إلى تطبيق استراتيجية “الضربة المزدوجة”، والتي تجمع بين تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية، وتفعيل أدوات (وزارة الخزانة) لفرض عقوبات مالية وتجميد الأصول على الأراضي الأمريكية.
ويقارب مخاتلا، هذا الأسلوب يوازي الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد “تنظيم القاعدة” بعد هجمات 11 سبتمبر.
‏‎الضربة المزدوجة من وجهة نظر إسرائيلية، هذا إذا كانت هناك ضربة، كما يقول (سيلفرمان ) تحقق توازنًا بين الفعالية العملية والمرونة القانونية، فهي لا تمنح الجماعة فرصة للتظاهر بأنها ضحية استهداف سياسي شامل، كما أنها تقلّص من قدرتها على الالتفاف عبر جمعيات ( واجهات ) تعمل بشكل قانوني داخل الأراضي الأمريكية.
لافت، الإدارة الأمريكية في عهدة الرئيس “دونالد ترامب” تواجه معضلة قانونية في حظر الإخوان بعد تمكينها في عهدة الرئيس الأمريكي الأسبق “بارك أوباما” الذي ترك إرثا إخوانيا عصيا على التفكيك والحظر.
الاجتهادات والمقاربات الأمريكية تتعدد حول كيفية تمرير قرار الحظر دون عكوسات قانونية، أو طعن ينقض الحظر، ويقنن بالضرورة وضعية الجماعة الإرهابية على الأراضي الأمريكية، ما يعوق حظرها مستقبلا.
لافت وبشدة، موجة رفض للإخوان في أروقة الإدارة الأمريكية مع اندلاع حرب غزة (سيما الهجوم الحمساوي في السابع من أكتوبر ووقوع ضحايا أمريكيين قتلى أو أسرى)، وهناك إحساس عارم بخطورة الجماعة على الأمن القومي الأمريكي ، وهذا ما عبر عنه صراحة ” جوش هامر ” رئيس تحرير صحيفة نيوزويك الأمريكية في مقال شهير عنوانه ” لقد حان الوقت لتصنيف الاخوان منظمة إرهابية”، يلوم الادارات الأمريكية المتعاقبة ، لقد تعاملت مع جماعة الإخوان بمزيج خطير من السذاجة والتجاهل المتعمد ما تسبب في فشل له عواقب وصفها بالوخيمة.
الأصوات الخافتة المنادية بحظر الإخوان صارت في الأونة الأخيرة صاخبة، السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس “تيد كروز” لا يزال مصرا على تصنيف الإخوان جماعة إرهابية علي الأراضي الأمريكية ، ويعتبرها قضيته الأولي ، و الأولي باهتمام إدارة ترامب .
قدم كروز إلى الكونجرس الأمريكي مجددا نسخة من مشروعه (القديم بحظر الإخوان) ، المشروع نفسه الذي رفضته إدارة الرئيس الأمريكي السابق “جوزيف بايدن” بهدف تصنيف الإخوان منظمة إرهابية.
مشروع القانون، الذي يحمل اسم “قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين إرهابية لعام 2025” ، ليس جديدا على الأسماع، مر عقد كامل على تقديم أول نسخة من المشروع الذي يقض مضاجع إخوان الشيطان والتابعين والمؤلفة جيوبهم قبل قلوبهم.
كروز قدم مشروعه لأول مرة في عام 2015، وأعاد تقديمه في عام 2017 في بداية ولاية ترامب الأولى، ثم قبل مرة ثالثة في نهاية ولايته في عام 2020، لكن المشروع وقتئذ
أطاحته “جائحة كورونا” التي صرفت الانتباه عن ما سواها من شواغل الإدارة الأمريكية وقتئذ.
كروز ليس وحده من ينادي بالخطر، يشاركه في مشروعه هذه المرة ، ومتضامن معه كل من السيناتور الجمهوري البارز “جيم إينهوف”، والسيناتور “رون جونسون”، والسيناتور “بات روبرتس”.. وآخرون كثر يخشون تمدد وتغلغل الإخوان في غفلة من الإدارات الأمريكية المتعاقبة أو تواطؤها..
مشروع كروز يحث وزارة الخارجية الأمريكية على استخدام سلطتها القانونية لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية ، ويتطلب هذا الإجراء من وزارة الخارجية تقديم تقرير إلى الكونجرس حول ما إذا كانت جماعة الإخوان تفي بالمعايير القانونية للتصنيف ضمن المنظمات الأخرى التي تروج للإرهاب على أنها منظمات إرهابية أجنبية..
أخشى يلقي مشروع القانون مصير مشروع حظر جماعة الإخوان الإرهابية في فرنسا وإنجلترا، هناك لوبي عالمي مساند لجماعة الإخوان عبر تنظيمها الدولي وفروعه المنتشرة حول العالم، فضلا عن رغبة بعض أجهزة الاستخبارات الدولية استدامة (الجماعة) كسلاح يستخدم وقت الحاجة، احتياطي إرهابي استراتيجي.
بالسوابق يعرفون، معايير الإدارة الأمريكية مختلة، مسيسة، وحظر الإخوان لم تعد معركة قانونية فحسب بل وسياسية بامتياز.
بين السياسي والقانوني يلعب (لوبي الإخوان الأمريكان) وجمعياته المتعددة على حبل التناقضات، والمفارقات .
تظهر الجماعة في الحالة الأمريكية بوجوه ناعمة، مسالمة ، متماهية مع السياسات الأمريكية ، تخفي قبحا وتستبطن شرا، تتعدد الواجهات ، هناك الجمعية الإسلامية الأمريكية ، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، و المعهد العالمي للفكر الإسلامي، و رابطة الطلاب المسلمين.
من المفارقات الصاخبة وصف حركة حماس بالإرهابية وحظرها أمريكيا وأوروبيا، رغم أنها الفرع من شجرة الإخوان، وفي التحليل الحركة تمثل الجناح العسكري لحركة الإخوان الإرهابية.
أخشى غياب مشروع حظر الإخوان عن أجندة الرئيس “دونالد ترامب”، ومع رفض الديمقراطيين ابتداء وانتهاء لحظر الجماعة التي توثقت علاقتها التحتية مع رموز الحزب الديمقراطي، في عهدة الرئيس الأسبق “باراك أوباما”، يصبح قرار الحظر غير وارد بالكيفية العلنية، وربما السيناريو الأقرب هو السيناريو الإسرائيلي الذي يقول به (أعلاه) الدبلوماسي الأمريكي السابق “روبرت سيلفرمان” رئيس تحرير “جيروزاليم ستراتيجيك تريبيون”!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى