صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : كيرك .. وصيحة أوباما

توفى الناشط الأمريكي تشارلي كيرك المُقرب من دونالد ترامب قبل أيام، ومازال مقتله يثير القلق والجدل عطفا على ملابسات الحدث وخلفياته.
اغتيال يمثل نقطة فارقة في مرحلة الاغتيالات السياسية التي تمر بها أمريكا كمقتل النائبة الديمقراطية ميليسا هورتمان وزوجها مارك، وإصابة السيناتور جون هوفمان وزوجته بجروح بالغة قبل 3 شهور، ونجاة ترامب بأعجوبة بإحدى مؤتمرات الدعاية الانتخابية العام الماضي على طريقة مصرع ” كيرك”.
وبات هناك يقين للمتعطشين للدماء في مجتمع متنوع الأصول والثقافة بأن قتل من يناصبهم الفكر والعداء “الخلاص الحقيقي” لهم ولغيرهم حتى لو أُعدموا لتطهير المجتمع من براثن يرونها” سوداوية” حتى لاتتسع وتسود وبالتالي – من وجهة نظرهم- هم شهداء تطهير البلاد من أثامه.
والشهور الأخيرة تصاعدت حدة الخطاب السياسي وتزايدت وتيرة العنف وحِدة الكراهية بين المختلفين فكريا وسياسيا وإيدلوجيا في مجتمع يقترب من الانتحار السياسي بسبب ترامب الذي يشعل نار الفتنة والتعصب، وهو الجحيم ذاته سواء كانوا صفوة بقمة الهرم السياسي والوظيفي أو العكس.
كيرك روج لمواقفه اليمينية المتطرفة بلا خجل ، وشارك هذه المعتقدات مع ملايين المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، وعبر برنامجه الإذاعي، والحرم الجامعي.
مقتل كيرك يثيرالرعب من أن الأسوأ لم يأتِ – بعد أن دفع ثمنا غاليا لأرائه وشططه،واقتحم بقوة مناطق شائكة وملغمة، في مجتمع تتوسع فيه دائرة العنف السياسي يوما بعد يوما.
كيرك شرب من أفكار ترامب في تحيزه ومغالاته وبات أشبه بالطبعة الثانية له ، مؤمنا ومساندا لمعتقداته الصهيونية وبقية الحلقات الترامبية المتشددة والتي لاتنتهي من معاداة المهاجرين والتعصب للون الأبيض وكراهية السود بشكل فظ ، والتعاطف مع المثليين ، وإرسال الجيش إلى المدن التى يقودها الديمقراطيون لمكافحة الجريمة، ومتوافقا مع ما يصف به خصومه بـ”الحثالة”، والفاشيين.
هذه القضايا الشائكة جعلت كيرك في مرمى النيران بسبب الخطاب السياسي والفكري الشاذ لاسيما من جانب تيارات عديدة مثل مجتمع الميم، الذي يضم الأشخاص المثليين، والمثليات، وثنائيي الميل الجنسي، والمتحولين جنسيًا، ومزدوجي الجنس، ،والحركات النسوية، أو “الفيمينست”، وهي حركة أيديولوجية وسياسية تستهدف المساواة بين الجنسين.
وكل قضية من هذه القضايا لها مايعارضها بقوة من عُتاد التعصب والعنف، والذين لايعرفون إلّا وجهة نظرواحدة فقط يعتنقونها ،ويعتبرون الآخر عدوا لايختلف معه فكريا فقط بل لابد من إسكاته للأبد.! والغريب أن رصاصة القتل في رقبته جاءت مع انتهاء إجابته عن سؤال حول عنف السلاح!
وفجر الناشط اليميني، براكين الغضب والاستياء لتأييده حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة، مُتبنيا في دفاعه المستميت أراء الكنيسة الإنجيلية بأمريكا، مؤمنا بعقيدة وجود إسرائيل واليهود في فلسطين، رهان عودة المسيح عليه السلام.
ومزج كيرك مبادئ الكنيسة الإنجيلية، بأرائه السياسية المساندة لإسرائيل وتصرفاتها الوحشية .
مقتل كيرك جعل الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما يطلق صيحة تحذير، كاشفا عن قلقه على مستقبل أمريكا، وموجها اللوم الشديد لترامب وإدارته بتأجيج الانقسامات السياسية الحادة، ومندهشا من تصريحاته ضد المعارضين ووصفهم بالحشرات، وبالأعداء، ويجب استهدافهم, معترفا بأن أكبر المشاكل التي تواجه أمريكا حاليا التصدى لهذا الخطر الداهم .
اقرأ أيضا
صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : غالي بين المايسترو وبيبو