
كتب- أحمد أبو زيد
الجبال تغضب أو تنهار أمام تجلي الله وإظهار جلاله وعظمته، كما في قصة سيدنا موسى عليه السلام عندما نظر إلى الجبل فدُكّ الجبل من شدة الهيبة والجلال لما تجلى له ربه، وهو ما يشير إلى انفعالها وإظهار هيبتها لربها وخالقها.
وغضبت واشتد غضبها عن سماعها ” وقالوا اتخذ الرحمن ولدا” منكرة ومستاءة لهذا الوصف الذي لايليق بالذات الإلهية السامية عن المخلوقات، وكيف يتخذ لنفسه ولدا وهو المنزه عن كل نقص يلتصق بالبشر.
قال تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا .. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا .. تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا .. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾ [سورة مريم: 88-91].
يقول الدكتور، علي محمّد محمّد الصَّلابي كاتب وداعية إسلامي متخصص في التاريخ والفكر الإسلامي وتفسير القرآن الكريم، والأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كانت هذه الغضبة الكونية التي اشتركت فيها السماوات والأرض والجبال حتى تحولت إلى زلزال كبير مدمّر بمجرد سماعهم لهذه الكلمة ..”وقالوا اتخذ الرحمن ولداً”.. وكأن الكون كله قد تحول إلى أفواه مزمجرة تقول لهؤلاء المشركين: “لقد جئتم شيئاً إدّاً”، لقد اهتزَّ كل ساكن، وارتجَّ كل مستقر، وغضب كل ما هو داخل هذا الكون غضباً شديداً لبارئه وخالقه، لأن هذه الكلمة صدمت كيانه وفطرته، وخالفت ما وقر في ضميره وعقله وما استقر في كيانه وحسّه، وهزت القاعدة التي قام عليها الوجود واطمأن إليها، قال تعالى: ﴿أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا .. وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [سورة مريم: 91-92].
وفي وسط هذه الثورة العارمة تدوّي في جنبات الكون اللانهائي آيات بينات، تنزيل من حكيم حميد. قال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا .. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا .. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [سورة مريم: 93-95].
فيما يخص الجبال فثمة حقيقة؛ وهي أنها خُلقت من أجل ترسية الأرض ومنعها من أن تميد بالناس، فهي – بجذور أوتادها المغروسة في باطن الأرض- تحفظ توازن الأرض، وتجعلها مستقرة ليستطيع البشر أن يعيشوا فوقها..
موضوعات متعلقة
نسائم الجمعة .. تسبيح وسجود وخشية الجبال .. عبودية المخلوقات لخالقها رغم صلابتها وعظمتها.
نسائم الجمعة .. لماذا وصفت القيامة بالوقوع في« إذا وقعت الواقعة » .. والجبال والإعجاز القرآني