توبكُتّاب وآراء

خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» : قمة الدوحة صدمت الشارع العربي

انعقدت القمة العربية الإسلامية في الدوحة عاصمة دولة قطر الشقيقة وسط ترقّب شعبي واسع، إذ كانت الآمال معلّقة على أن يشهد العرب لحظة تاريخية يُترجم فيها الغضب الشعبي إلى قرارات شجاعة توقف العدوان الإسرائيلي وتضع حداً لاستهتار الاحتلال بالقوانين الدولية والقدرة العربية ،لكن ما حدث كان صادماً.

البيان الختامي جاء مليئاً بالعبارات المكررة: إدانة، شجب، دعوة المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته ..عبارات استهلكها الزمن وفقدت تأثيرها، حتى بدت وكأنها مجرد محاولة لملء الفراغ الإعلامي لا أكثر. لم يتضمن البيان خطوات عملية، ولم يوجّه حتى رسالة ردع سياسية حقيقية لإسرائيل .

هذا الضعف الذي تجلى في مخرجات باهتة لم يكن مجرد إخفاق سياسي عابر، بل كان بمثابة هدية مجانية لإسرائيل، التي قرأت المشهد العربي جيداً وفهمت الرسالة: لا أحد سيقف في وجهكم. فما كان منها إلا أن قررت اجتياح غزة برياً، في أوسع عملية عسكرية منذ سنوات، وكأنها تقول للعالم: نحن نفعل ما نشاء، ولن يحاسبنا أحد.

إن ما حدث في غزة بعد القمة لم يكن منفصلاً عنها، بل كان نتيجة مباشرة لمخرجاتها الباهتة. فحين يفشل العرب في صياغة موقف موحد، ويكتفون بالشعارات، فإن إسرائيل تجد نفسها في موقع القوة والقدرة على فرض الأمر الواقع.

اليوم، لم تعد المشكلة في عدوان إسرائيل وحدها، بل في عجز النظام العربي الرسمي عن الارتقاء لمستوى التحديات. القمة في الدوحة كانت اختباراً حقيقياً، فشل فيه العرب ، بينما استغلت إسرائيل هذا الفشل لتتمادى أكثر، ضاربة بالقانون الدولي عرض الحائط، وموجهة صفعة للعالم بأسره.

القمة العربية في الدوحة لم تنجح في أن تكون نقطة تحول حقيقية. فالمواقف الإعلامية والبيانات لا تكفي لمواجهة آلة قذرة من العدوان والاحتلال. المطلوب إجراءات صارمة، تحركات قانونية، عزل دبلوماسي، دعم حقوقي، وضغوط اقتصادية وسياسية حقيقية.

ولعل من أبرز مخرجات هذه القمة هي كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أحدثت صدى واسعًا في الأوساط العربية والدولية، وفرضت نفسها على الصفحات الأولى في الصحافة العبرية، التي توقفت مطولًا عند تصريحات الرئيس بشأن اتفاقيات السلام وسياسات إسرائيل، وقد تحوّل الخطاب إلى محور رئيسي لتحليلات الخبراء والمراسلين المتخصصين في الشأن العربي، نظرًا لما حمله من رسائل مباشرة إلى الداخل الإسرائيلي وصنّاع القرار في تل أبيب، خاصة بعدما وصف إسرائيل صراحةً بأنها “العدو”، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في الخطاب الرسمي المصري منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979.

المطلوب الآن ليس بيانات جديدة، بل إرادة سياسية حقيقية، وخطوات عملية على الأرض تعيد الاعتبار لقدرات الدول والشعوب العربية وتضع حداً للغطرسة الإسرائيلية. أما الاكتفاء ببيانات الشجب، فلن يعني سوى شيء واحد: أن إسرائيل ستواصل عدوانها، والعرب سيواصلون الاكتفاء بالتفرج .

Khalededrees2020@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى