توبكُتّاب وآراء

حمدي رزق يكتب .. ليست معركة دينية بل معركة فكرية!

سبعة من علماء الأزهر الشريف، وعشرة من علماء وزارة الأوقاف، وثلاثة من أمناء الفتوى بدار الإفتاء، اصطفوا فى قافلة دعوية إلى شمال سيناء..

قافلة العشرين عمامة تستهدف تنفيذ محاور الخطة الدعوية، مواجهة الإرهاب، والتطرف ومحاربة كل صور الغلو الفكرى، والتصدى للتطرف اللادينى المتمثل فى تراجع القيم والأخلاق، والعمل على استعادة وبناء الشخصية المصرية الوطنية من منطلق دينى راسخ، وصناعة حضارة تقوم على الوعى والعلم والابتكار، وتعظيم قيمة الاكتشاف والإبداع والشغف بالمعرفة.

حسنا، وأين القوافل الثقافية، وأين النخب الثقافية، وأين المفكرون والكتاب والشعراء، وأين السينما والمسرح وفرق الفنون الشعبية؟

الحمد لله انطلقت القوافل الدعوية!.. متى تنطلق القوافل الثقافية؟، وهل هناك مخطط ثقافى متناغم مع المخطط الدعوى، مخطط وطنى يعنى بربط الأطراف بثقافة المركز لتعزيز القيم الثقافية الوطنية هناك بعيدا عن العاصمة ويحصنها من استلاب العقول؟!

مواجهة الإرهاب والتطرف والغلو الدينى تحتاج إلى تغيير جذرى فى المعين الثقافى للبيئة الحاضنة.. القوافل الدعوية لا تغنى عن القوافل الثقافية، واستعادة وبناء الشخصية المصرية الوطنية من منطلق دينى فحسب قصور فى الفكرة، وأين المنطلق الفكرى والثقافى والعلمى؟!

قصر القوافل على القوافل الدعوية لن ينتج أثرا ملموسًا، معركة الوعى ليست معركة دينية فحسب، بل معركة ثقافية بالأساس، وتجديد الخطاب الدعوى فى سياق تجديد الخطاب الدينى طرفا منها، ولا يختصر كل الجهود فى خطبة جمعة أو درس، أو فتوى محسنة مجودة؟.

معركة الوعى تقوم على تأسيس منظومة فكرية تقوم على الحرية الفكرية، والانفتاح على الثقافات المغايرة، والحوار العقلانى، والاطلاع على منتوجات الثقافة الوطنية، وتشكيل الوعى الجمعى على قواعد تحكيم العقل، والتفكير العلمى السليم.

تشبيك المؤسسة الدينية بأذرعها الثلاث، (الأزهر، الأوقاف، الإفتاء)، يلزمه تشبيك مع المؤسسة الثقافية وأضلاعها، تكامل الأدوار ضرورى وواجب ومستوجب، والقعود عن أداء المهمة الثقافية مثل التولى يوم الزحف.

الركون إلى كونها (معركة دينية) مع متطرفين دينيين ولا دينيين يحرف بوصلة المواجهة الوطنية عن مقصدها، مواجهة الأفكار بأفكار، والفكرة الساكنة تحت فروة الرأس تحتاج إلى قلقلة فكرية وخلخلة ثقافية.

تديين المعركة، وفتوى مقابل فتوى، واعتدال فى مواجهة تطرف، وكأنك تلعب المباراة على أرض الخصم، وقوانينه، ليس القضية تغيير لون عمامة خطيب المسجد، ولكن فى تعزيز ثقافة مغايرة، وحرث التربة وتهويتها وتقليبها، وتغيير مياه النهر المالح الذى تروى منه وتستقى أفكارها، أطراف الوطن لا تحتاج إلى فتاوى محسنة من منتوجات المؤسسة الدينية، فى أمس الحاجة إلى منتوجات المؤسسة الثقافية التى تقوقعت فى المركز بعيدًا عن الأطراف.

مقاومة الآفات الضارة التى ترعى فى زراعات الوطن بطرق المكافحة اليدوية، القوافل الدعوية تخفف وقع التطرف، ولكن رش الحقول الواسعة على مستوى الوطن يستوجب تدخل الدولة بثقلها ثقافيا فى مقاومة آفة الإرهاب، يستوجب الرش الأفقى من أعلى، الوباء شديد ضرب الزراعات الوطنية، ورق الزرع أصفر فى الأرض الشراقى لماء الثقافة الشحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى