توبكُتّاب وآراء

الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : «سد النهضة» نعمة أم نقمة؟

دشنت إثيوبيا «سد النهضة» يوم أمس، معلنة اكتمال المشروع الذي تتوقع منه الكثير، ومتجاهلة دولاً جارة أبدت اعتراضها وطلبت ضمانات لعدم تأثرها من عمليات حجز مياه النيل.

قد يكون السد حلماً بنهضة غير مسبوقة لإثيوبيا، حسب ما نسمعه من القائمين على إدارة شؤونها، يوفر كماً هائلاً من الطاقة الكهربائية، ويدخل المناطق الخاوية في خطط التنمية المستقبلية، ويحيي أراضي شبه ميتة، ويوفر حياة كريمة لشعب لا تفارقه مواسم القحط والجوع، ويحقق تنمية اقتصادية شاملة، كما يردد قادة إثيوبيا، ولكنه أحدث شرخاً بين بلادهم المتمسكة بحقها في الاستفادة من المياه الجارية فوق أراضيها، وبين دول المصب التي يعبرها النهر العظيم منذ الأزل، وهي السودان ومصر، وهنا ستكون معضلة هذا السد إذا لم ينشر الاطمئنان، ويزيل المخاوف من التعدي على موازين توزيع المياه المستحقة للآخرين.

النيل ليس ملكاً لدول المنبع أو المصب، هو ملك الجميع، وقد أتيحت فرص كثيرة للاتفاق، ولكنها فشلت، وكان الفشل ناتجاً عن قوى خفية، ولكنها معروفة، أرادت أن توسع من دائرة الفوضى، التي أشعلتها في عام 2011 بالمنطقة العربية، وعندما يصل الأمر إلى صراع عربي إثيوبي تكتمل مخططات تفتيت وتشتيت من ما زال واقفاً على رجليه.

إثيوبيا ما زالت قادرة على إطفاء شرارة النار التي أشعلتها، فالتنمية المنشودة لا يمكن أن تتحقق وسط عداء مع الجيران، والظروف التي يمر بها السودان لن تستمر إلى الأبد، ومصر المنشغلة بجيرانها الأقرب إليها اليوم ستتجاوز ظروفها مستقبلاً، ولو منعت عنهما قطرة ماء و«دقت أجراس الخطر» لن تنفع الدبلوماسية أحداً، ولن يتدخل الذين مولوا وخططوا وأنجزوا، سيتركون إثيوبيا وحيدة، فهم يتخلون عن الذين يسمعون كلامهم وقت الشدة، وهذه أوكرانيا تقدم مثالاً حياً للحليف الضعيف الذي يقحم في حرب أكلت حتى الآن ثلث أراضيه ورفعوا أيديهم عنه!

ما زالت الفرصة مواتية، وعلى إثيوبيا أن تمد يدها نحو الجيران لتطفئ شراً يلوح في الأفق، وليكون سد النهضة نعمة وليس نقمة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى