توبكُتّاب وآراء

السفير مدحت القاضي يكتب لـ «30 يوم» : وثيقة سرية تكشف عن اتفاق إثيوبي سوداني بشأن سد النهضة في ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٢ 

[١] يهمني قبل ان أتناول مضمون ما كشفت عنه الجزيرة عن هذا الاتفاق السري او غير المُعلن، ان أثير مجموعة من التساؤلات ذات الصلة.
[٢] السؤال الأول: ما الهدف الذي تسعي إليه الجزيرة في نشر وثيقة هذا الإتفاق أمس والذي يعود تاريخه الي قرابة ٣ سنوات مضت!.
[٣] السؤال الثاني: هل صمتت الجزيرة، طوعاً، او قسراً، طوال هذه السنوات الثلاث!، ام أنها علمت به اليوم!.
[٤] السؤال الثالث: وطالما ان الإتفاق السوداني/الإثيوبي (محل إكتشاف الجزيرة او الكشف عنه اليوم) يستند أساساً علي إتفاقية إعلان المبادئ الثلاثية التي وقعها رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان في 2015، فما الذي كان يمنع ان يجيء بعدها هذا الإتفاق ب ٧ سنوات ولكن بصورة ثلاثية أيضاً وليست ثُنائية!.
[٥] السؤال الرابع: وكيف تناسينا ما كان من أسباب ومُبررات وقف تلك المحادثات الثلاثية طيلة السنوات السابقة!..
[٦] السؤال الخامس: وهل تلك الأسباب و المُبررات زالت بالنسبة للسودان وحدها؟، بينما هي مازالت باقية بالنسبة لمصر!.
[٧] السؤال السادس: وهل لكشف الجزيرة أمس وحديثها عن الإتفاق الثنائى السوداني/الإثيوبي علاقة بالبيان الصادر عن آبي أحمد مُنذ يومين (بإعتباره سد النهضة رمز للصمود/حافز وطني عملاق/اكتمال بناء السد)!.
[٨] السؤال السابع: وهل يتفق ام يتعارض ذلك مع بيان مصري سوداني مشترك بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، جددت فيه مصر والسودان مُنذ ثلاث أيام أيضاً، رفضهما لـ”الإجراءات الأحادية” لإثيوبيا في حوض نهر النيل الشرقي، مطالبين أديس أبابا بتعديل سياساتها لاستعادة التعاون بين دول الحوض!.
[٩] السؤال الثامن: وبالتالي، لماذا تم استبعاد مصر أصلاً من إتفاق إثيوبي/سوداني بشأن سد النهضة في ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٢ !؟.
[١٠] السؤال التاسع: واذا كان السودان (حسب ما تم نشره بيد الجزيرة)، قد سعي الي سد النقص الفادح في ضرورة إفصاح إثيوبيا وتبادلها كافة البيانات، والنص علي حماية سد الروصيرص؛ .. فإن لمصر أيضاً ذات الحق بخلاف حماية السد العالي وضمان إستمرار دوره!.
[١١] وبعد تلك التساؤلات التسعة، فيما يلي سرداً لما كشفت عنه الجزيرة.. حسب ما هو تال:
[١/١١] ” وقع السودان وإثيوبيا إتفاقية فنية بشأن عملية ملء وتشغيل سد النهضة، تكتسب أهميتها كونها أول إطار مكتوب يحدد القواعد الفنية للتعبئة والتشغيل بين دولتي المنبع والمصب المباشرتين، وذلك بعد إتفاقية إعلان المبادئ التي وقعها رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان في 2015، بحسب ما كشفت عنه وثيقة سرية اطلعت عليها الجزيرة نت ونشرتها أمس ٩/٤ عبر موقع مكتبها في أديس أبابا.
[٢/١١] الاتفاقية التي شكّلت الإطار الفني لجميع عمليات الملء والتشغيل اللاحقة لسد النهضة، تم توقيعها في 26 أكتوبر 2022 بالخرطوم، بين كل من سيليشي بيكيلي ممثلاً عن إثيوبيا، والبروفيسور سيف الدين حمد عبد الله عن السودان، بصفتهما رئيسي الوفدين، وصادّق وزير الري والمياه الإثيوبي هابتامو إيتيفا والمهندس ضو البيت عبد الرحمن منصور وزير الري والموارد المائية السوداني.
{ ملء السد بشكل تدريجي }
[٣/١١] وتضمنت الاتفاقية التزام إثيوبيا بإتمام ملء السد بشكل تدريجي خلال موسم الأمطار من كل عام في  يوليو وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر، حتى يصل منسوب إرتفاع المياه إلي 625 متراً فوق سطح البحر، مع تقليص حجم التخزين في حال حدوث جفاف.
[٤/١١] وسبق بنود هذه الاتفاقية ديباجية مطولة أكدت أن سلامة وتشغيل سد النهضة وسد الروصيرص مترابطان، ويستوجبان تنسيقًا وثيقاً وعملاً مشتركاً للتعامل مع الظروف الطبيعية وحالات الطوارئ.
[٥/١١] وأشارت الاتفاقية إلى أن الهدف من إجتماعات البلدين هو تبادل المعلومات وتعزيز الفهم المشترك حول “إدارة الموارد المائية العابرة للحدود”، بما يسهم في تحسين إدارة البنية التحتية المائية في حوض النيل بين إثيوبيا والسودان.
[٦/١١] وحدّدت بنود الاتفاقية مستوى التشغيل الدائم لسد النهضة بين 625 و640 مترا فوق سطح البحر. كما نصت على التزام إثيوبيا بتصريف كميات ثابتة من المياه إلى السودان لا تقل عن 300 متر مكعب في الثانية، بهدف ضمان إستمرار تدفق النيل الأزرق والحفاظ على التوازن البيئي الطبيعي.
[٧/١١] ونصت الاتفاقية على تبادل البيانات بشكل منتظم بين البلدين، عبر تبادل بيانات: (أ) شهرية تتعلق بالتدفقات الداخلة والإطلاقات المائية، (ب) إضافةً إلى بيانات الأرصاد الجوية عند سد النهضة، (ج) إلى جانب مؤشرات مرتبطة بجودة المياه، (د) فضلًا عن تبادل بيانات يومية حول مناسيب المياه والإطلاقات في كل من سد النهضة وسد الروصيرص.
[٨/١١] وتنص الوثيقة على تبادل هذه المعلومات بين الجانبين بشكل متزامن ويومي، وتحديد نقاط اتصال رسمية في وزارتي الموارد المائية بالبلدين، لتكون مسؤولة عن نقل وتسلم البيانات بصورة مستمرة.
{ آلية تنسيق مٌشتركة للسد }
[٩/١١] واتفقت إثيوبيا والسودان على إنشاء آلية تنسيق مٌشتركة معنية بسد النهضة، تُتخذ قراراتها بالتوافق، مع منحها صلاحية حل أي خلافات تنشأ حول تفسير أو تطبيق القواعد والإرشادات الفنية.
كما تتولى اللجنة جملة من المهام، في مقدمتها تسهيل التعاون والتنسيق وتوحيد النهج في نظم جمع المعلومات والرصد، بحيث تُعتبر هذه اللجنة المعنية بشأن سد النهضة من الركائز الأساسية في الاتفاق، إذ تمنح الطرفين إطاراً مؤسسياً دائماً للتشاور وإدارة القضايا الفنية المٌتعلقة بالسد.
{ سلامة السدود وآليات الاستجابة للطوارئ }
[١٠/١١] وفيما يتعلق بسلامة السدود وآليات الاستجابة للطوارئ، أقرت الاتفاقية حزمة ترتيبات خاصة شددت على مسؤولية كل طرف عن سلامة سدوده مع مراعاة مصالح مجتمعات دول المنبع والمصب.
[١١/١١] وألزمت الاتفاقية الجانبين بتحديث تدابير السلامة دوريًا في السدين ومشاركتها ومناقشتها بانتظام داخل اللجنة الفنية المعنية بسد النهضة.
[١٢/١١] كذلك نصت على أنه عند رصد أي مشكلات في كمية أو جودة المياه يُعتقد أنها ناجمة عن سد النهضة تشكل حالة طارئة وتتطلب استجابة فورية، يتعين إخطار اللجنة الفنية فوراً وطلب عقد إجتماع عاجل لوضع إجراءات وقائية أو علاجية مناسبة.
{إخطار نقطة الإتصال في السودان}
[١٣/١١] وفي حالة الطواريء الناتجة عن توقف مفاجيء وغير مُخَطط لتوليد الكهرباء في سد النهضة، تُلزِم الاتفاقية إثيوبيا بإخطار نقطة الإتصال المُعيّنة في السودان علي الفور، لضمان التنسيق الميداني وتقليل المخاطر علي المٌنشآت المائية والمجتمعات الواقعة في دول المصب.
[١٤/١١] وتأتي هذه الآليات لرفع الجاهزية التشغيلية والحد من آثار الطوارئ المحتملة، عبر تنسيق فني مباشر بين البلدين يضمن سرعة تبادل المعلومات واتخاذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب “.
[١٢] .. انتهي نص ما تم الافصاح عنه مؤخراً عن مضمون هذا الإتفاق..
[١٣] ويتبقي لدي دائماً؛ ما أتمناه من ان تحمل الأيام القادمة ما يحمل الخير والآمان لدول النيل الأزرق الثلاث مصر/السودان/إثيوبيا.. ويحميها من أية مخاطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى