فن و ثقافةكُتّاب وآراء

الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : بعباءة إسلامية ناعمة قمة شنغهاي .. رسائل قطبية ثقيلة ..

كنت طالبا بالخامس ابتدائي منتصف سبعينيات القرن المنصرم حينما دخل معلم التاريخ بوجوم لا اعرف خلفياته كاتبا على السبورة .
الحرب العالمية الأولى من 14 الى 1918
الحرب العالمية الثانية من 39 الى 1945
الحرب العالمية الثالثة .. حتما ستقع !؟
ثم أخذ شهيقا وتحدث بشيء ليس له علاقة بالحرب كانه استفزنا بسؤال اراد ان يختبر طفولتنا الناعسة تحت عباءة الخوف العربي ثم تحدث عن بطولات العرب ودواوينهم الشعرية وحكاياتهم الغرامية وموائدهم البذخية .. فرفعت يدي متسائلا : ( استاذ متى تقع الحرب الثالثة ) ! .. التفت مصوبا نظره نحو الجميع : ( دعكم من هذا الهراء وانشغلوا بموادكم المقررة ) .
في عام 2008 استضافت بكين دورة الالعاب الاولمبية العالمية وقد حضر حفل الافتتاح عديد القادة العالميين بينهم الرئيس الامريكي بوش الابن بعرض حرص فيه المنظمون للاعلان الرسمي عن انطلاق التنين من بعبعبه الذي حذر منه – قبل قرنين – نابليون بونابرت قائلا : ( دعوا التنين نائما .. حذاري ان توقظوه ) !

فيما كنت اقلب صفحات التاريخ بحثا عما يمكن قبوله عقليا وأعيد صياغة مفردات فهمي بعد أن ثبت لي ان العالم يدور بفلك روما منذ ثلاثة الاف سنة تقريبا وفقا لسياسة : ( التوازنات وفرق تسد ) . بتوازنات نمطية للهيمنة الغربية جعلتني استمد منها اجابة على سؤال طرحه معلمي قبل خمسين عام ، متسائلا في دواخلي لماذا نسميها حربا عالمية مع اننا كعرب لم نخض غمارها.. فكل ما حدث في الحربين بمثابة قوى استعمارية تقاتلت لاعادة ترتيب مناطق نفوذها وفقا لمخرجات القوة .
بمعنى ان الحربين العالميتين كانت ضرورة ملحة للدول الاستعمارية لتتويج نفسها عسكريا بما يسوغ سيطرتها على الوطن العربي وبقية دول الفقراء ممن لم يشتركوا فيها .. لكنهم ارغموا ( كراس حاجة) لدخولها شكليا بعد ان ورطهم الغرب لغرض تقاسم خيراتهم رسميا وقانونيا وفقا لشريعة الغاب المؤسس لها امميا .
ذلك ما جعلني اعتقد جازما بان الحرب الثالثة سوف لن تقع لان مشعلي الحروب ادركوا جيدا خطورة الانفجار النووي بما لا يسمح بتوزيع الغنائم بذات الالية القديمة مما يرجح مقود الدبلوماسية والحرب الناعمة كبديل حتمي عن الحرب النووية .
شهدنا مؤخرا مؤتمر شنغهاي الصينية بمشاركة عدد من قادة دول العالم بما عد الأكبر للمنظمة منذ تأسيسها عام 2001 رافقته استعراضات عسكرية اظهرت قدرة التلويح بالثالوث النووي والفرط صوتي كرسائل حاسمة في حروب المستقبل دون اغفال مشية الوز التي تحركت على ايقاع موسيقاها الجموع الصينية المسلحة بصورة مستفزة للغرب التي ذكرتهم بصمات العروض العسكرة النازية .
على هامش القمة صرح الرئيس الصيني جي بينغ : ( نحن قوة من أجل السلام ) فيما رد الرئيس الامريكي ترامب ممتعضا : ( ان الصين وروسيا وكوريا الشمالية يتامرون على بلدنا ) . فرد عليه الرئيس الروسي بوتين قائلا : ( ان ترامب يحمل روح دعابة تمزج الدبلوماسية بالنكتة ) .
اليوم وبعد مدة قصيرة عن حرب الاثنا عشر يوم التي ينبغي ان لا نفصلها عن مؤتمر شنغهاي برغم كون ترامب استثنى الرئيس الايراني بزكشيان عن اجتماع التآمر الا ان الناطق باسم الاتحاد الاوربي اضاف ايران لدول التآمر المقصودة .. سيما وان الرئيس الايراني قد اصطحب ابنته دكتورة الكيماء فاطمة بزكشيان التي ظهرت بزيها الاسلامي وعباءتها المحتشمة بصورة مبهرة ملفتة للانظار وهي تتوسط زعماء قمة شنغهاي برسالة ايرانية ناعمة لا يقل اثرها عن صواريخ الفرط صوتي التي اطلقوها على اسرائيل وكانت سببا مباشرا لانهاء الحرب الاسرائيلية الايرانية التي تعد قمة شنغهاي احدى مخاضاتها التي ستسهم حتما باندلاع حرب عالمية ثالثة بسلاح ناعم جديد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى